الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلَٰلاً بَعِيداً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً } * { إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً }

قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وهم اليهود، { وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي: منعوا الناس من الدخول في دين الإسلام بما كتموا من صفة محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم وصفهم بالظلم منضماً إلى الكفر فقال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ } أي: ظلموا محمداً بتكذيبه، وتبديل صفته { لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ } كفرهم وظلمهم.

وقيل: " لم يكن الله " ليستر عيوبهم، بل فضحهم في الدنيا بإبداء معايبهم، وعذَّبهم بالقتل والسبي، والنفي، وألزمهم الذلة، والمسكنة والجزية.

{ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً } إلى الإسلام.

{ إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ } وهو دين اليهودية وغيره من الطرق التي تفضي بهم إلى جهنم.

قوله تعالى: { فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ } منصوب بفعل مضمر دلَّت عليه الحال، لأنه لما حضَّهم على الإيمان، علم أنه يحملهم على أمر، فقال: " خيراً لكم " أي: إئتوا، واقصدوا أمراً خيراً لكم من الكفر والتثليث.

ثم أظهر لهم عظمته وغناه عن إيمانهم فقال: { وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } بما يكون منهم من كفر وإيمان، { حَكِيماً } في تكليفه إياهم مع علمه بما يكون منهم.

قولُه تعالى: { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ } هذا نهي لليهود والنصارى عن الإفراط وتجاوز الحد في الدين، فإن اليهود غَلَتْ في عيسى حتى دفعته عن حقه ومرتبته، وغَلَتْ فيه النصارى حتى رفعته عن منزلته وادعته إلهاً، فقالت اليعقوبية: هو الله.

وقالت النسطورية: هو ابن الله.

وقالت المرقوسية: هو ثالث ثلاثة.

{ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } أي الصدق، فَتُنَزِّهوه عن الشريك والولد.

ثم نَزَّه عيسى عما رَمَتْهُ به اليهود، وادَّعته له النصارى فقال: { إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ } ، وقد سبق معنى كونه " كلمة " في آل عمران.

ومعنى كونه " روحاً منه ": أنه خلقه، وأوجده، واخترعه اختراعاً غير منوط بسبب، كسائر ولد آدم، وأضافه إليه إضافة تكريم وتشريف، كما قال عن آدم:وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي } [الحجر: 29].

ويروى: أن الله لما أخرج الأرواح من ظهر آدم لأخذ الميثاق، ثم ردها إلى صلبه، أمسك عنده روح عيسى إلى أن أراد إيجاده، فأرسل ذلك الروح إلى مريم، فدخل فيها، فكان عيسى عليه السلام.

قرأت على الشيخ الزاهد أبي عبد الله محمد بن داود بن عثمان الدربندي الصوفي، بمسجد الخليل عليه السلام سنة سبع وستمائة، أخبركم الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِلفي الأصبهاني بالإسكندرية، فأقرَّ به، قال: أخبرنا الرئيس أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن محمود الثقفي بأصبهان سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المُزَكِّي بنيسابور، سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأموي، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا بشر بن بكر، عن [ابن] جابر، عن عمير بن هانئ، حدثني جنادة بن أبي أُمية، حدثني عبادة بن الصامت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

السابقالتالي
2