الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً } * { وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَٱلْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أُوْلَـٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً }

قوله تعالى: { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } أي: ما حرَّمنا عليهم الطيبات إلا لظلم عظيم ارتكبوه من أكل الربا، والرُشا وغير ذلك من العظائم.

والطيبات المحرَّمة عليهم: الألبان، وما اشتمل عليه قوله:وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ... } [الأنعام: 146] الآية.

{ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً } أي: صداً كثيراً، أو أناساً كثيراً.

{ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ } وهو ما كانوا يأخذونه من الرُشا في القضاء، وعلى تبديل أحكام الله تعالى.

قوله: { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ } وهم الثابتون فيه، المتقنون له، كعبد الله بن سلام.

و " الراسخون " مبتدأ، خبره " يؤمنون ".

{ وَٱلْمُؤْمِنُونَ } مَن دخل معه في الإسلام من اليهود، وقيل: المهاجرون والأنصار. قوله: { وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلٰوةَ } نصب على المدح، والاختصاص، وهو باب واسع. وأنشدوا:
لا يَبْعَدَنْ قَوْمِي الَّذينَ هُمُ    سُمُّ العُداةِ وآفَةُ الجُزْرِ
النَّازِلِينَ بكُلِّ مُعْتَرَكٍ    والطَّيِّبُونَ مَعَاقِدَ الأُزْرِ
وهذا قول الخليل وسيبويه والزجَّاج وحُذَّاق البصريين.

وقيل: هو نسق على " ما " ، المعنى: يؤمنون بما أُنزل إليك وبالمقيمين الصلاة، وهم الملائكة والأنبياء.

وقيل: هو نسق على الهاء والميم في " منهم " ، المعنى: منهم ومن المقيمين الصلاة.

قال الزجَّاج: وهذا رديء عند النحويين، لا ينسق بالظاهر المجرور على المضمر المجرور إلا في الشعر.

وقد روي عن عائشة: أن ذلك خطأ من الكاتب.

وروي عن عثمان أنه قال: إن في المصحف لحناً ستقيمه العرب بألسنتها.

وهذا مستبعد جداً، لأن عائشة كانت من الفصاحة وحفظ أشعار العرب والاطلاع على افتنان أساليبها في خطابها بالمكانة التي لا تُدافَع عنها ولا تُمانَع منها، فكيف تحكم بخطأ الكاتب مع ظهور الصواب فيما ذكرناه من الإعراب.

وما نقل عن عثمان رضي الله عنه فقال ابن الأنباري: لا يصح؛ لأنه غير متصل.

قال: ومحال أن يُؤخِّر عثمان شيئاً فاسداً ليصلحه مَن بعده.

قال الزجَّاج: الذين جمعوا القرآن هم أهل اللغة والقدوة، فكيف يتركون في كتاب الله شيئاً يُصلحه غيرهم، لا ينبغي أن يُنسب هذا إليهم.

وفي مصحف عبد الله: " والمقيمون " ، وهي قراءة جماعة، منهم مالك بن دينار، والجُحْدَري.