الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ ٱللَّهِ وَقَتْلِهِمُ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } * { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } * { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } * { وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً }

قوله: { فَبِمَا نَقْضِهِم } " ما " زائدة، وقد ذكرناه في آل عمران.

والجالب للباء محذوف، تقديره: فبنقضهم ميثاقهم فعلنا بهم ما فعلنا.

وقيل: الجالب للباء:حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } [النساء: 160] فيكون حينئذ قوله:فَبِظُلْمٍ } [النساء: 160] بدلاً من قوله: " فبما نقضهم ".

قوله: { وَبِكُفْرِهِمْ } يعني: بمحمد. وقيل: بعيسى.

وهو عطف على: " فبما نقضهم " أو على: { بَلْ طَبَعَ }.

وجميع ما أغفلناه هاهنا مفسَّر في البقرة.

{ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } وهو قذفها بالزنا.

{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ } قال الزجَّاج: يُعذَّبون عذاب مَن قتل لأنهم قتلوا الذي قتلوه على أنه نبي.

وقوله: { رَسُولَ ٱللَّهِ } من كلام الله تعالى.

وقيل: من كلام اليهود على معنى تهكم به؛ كقول فرعون:إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } [الشعراء: 27]، أو رسول الله على زعمه.

قوله: { وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ } قال صاحب الكشاف: إن قلت: " شُبهَ " مسند إلى ماذا؟ إن جعلته مسنداً إلى المسيح، فالمسيح مشبه به وليس بمشبه، وإن أسندته إلى المقتول، فالمقتول لم يَجْرِ له ذِكْرٌ؟

قلت: هو مسند إلى الجار والمجرور، وهو " لهم "؛ كقولك: خُيِّل إليه، كأنه قيل: ولكن وقع لهم التشبيه. ويجوز أن يُسند إلى ضمير المقتول، لأن قوله: " إنا قتلنا " يدل عليه.

اختلفت الرواية عن ابن عباس فيمن أُلقي عليه شبهه؛ فروى أبو صالح عنه: أن اليهود لما اجتمعت على قتل عيسى، أدخله جبريل خوخة لها رَوْزَنة، فدخل، ورآه رجل منهم، فألقى الله شبه عيسى عليه، فلما خرج الرجل إلى أصحابه قتلوه ظناً منهم أنه عيسى، ثم صلبوه.

وروى عنه سعيد بن جبير: أن عيسى عليه السلام قال لأصحابه: أيكم يُلقَى عليه شبهي، فيُقتل مكاني، ويكون معي في درجتي؟ فقام شاب فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد القول، فقال الشاب: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد القول، فقال الشاب: أنا، فقال عيسى: نعم أنت ذلك، فأُلقي عليه شبه عيسى، ورُفِع عيسى، وجاء اليهود، فأخذوا الشاب فقتلوه، ثم صلبوه.

{ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } قيل: إنهم النصارى اختلفوا في عيسى، هل هو إله أو لا؟ وهل قُتِل أو لا؟

والصحيح: أن المختلفين اليهود، اختلفوا في عيسى، هل قُتِل أم لا؟ والسبب في ذلك أنهم قالوا: إن كان المقتول عيسى فأين صاحبنا؟ وإن كان صاحبنا فأين عيسى؟

وقال بعضهم: الوجه وجه عيسى، والبدن بدن صاحبنا.

قوله: { إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ } استثناء منقطع، { وَمَا قَتَلُوهُ } يعني: الظن، وقيل: العلم، فالمعنى: أنهم ما بالغوا في العلم به، حتى تحققوه، وعرفوه، { يَقِيناً } كما يقول: قتلت الشيء علماً.

وقيل: الضمير يرجع إلى عيسى.

قال الحسن: المعنى: وما قتلوا عيسى حقاً.

السابقالتالي
2