الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً }

ثم وصف الله المنافقين فقال: { ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } أي: ينتظرون، { فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ } وكانت الدولة لكم { قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ } فأعطونا من الغنيمة، { وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ } حظ من الظفر والنصر { قَالُوۤاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ }.

الاسْتِحْواذ في اللغة: الاستيلاء. يقال: حَاذ الحِمَارُ أُتُنَهُ؛ إذا استولى عليها وجمعها.

فالمعنى: ألم نغلب عليكم بالموالاة لكم، ونستولي عليكم بالمعونة، والذب عنكم.

{ وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } بالتثبيط تارة، وبنقل الأخبار إليكم أخرى، امتنوا بذلك عليهم ليدفعوا نصيبهم من الغنيمة إليهم.

{ فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } أيها المؤمنون والمنافقون، وفي قوله: { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } إشعار بأن الحكم يقع على ما أضمروه لا على ما أظهروه، بخلاف أحكام الدنيا، { وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً }.

قال رجل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أرأيت قول الله: { وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } وهم يقتلوننا؟! فقال: " ولن يجعل الله للكافرين " يوم القيامة " على المؤمنين سبيلاً ".

وقال ابن عباس في رواية عكرمة والضحاك: حُجَّة.

وقال في رواية أبي صالح: " على المؤمنين " أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

كأنه نفى ظهور كفار العرب على الصحابة، وأثبت أن الظفر للمسلمين والعاقبة لهم، فكان كذلك.

وقيل: هذا نفيٌ لاستيلاء الكفار على المسلمين بحيث يستأصلونهم، فإن العاقبة للمسلمين، وإن كانت الحرب سجالاً بين المسلمين والكافرين.