ثم وصف الله المنافقين فقال: { ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } أي: ينتظرون، { فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ } وكانت الدولة لكم { قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ } فأعطونا من الغنيمة، { وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ } حظ من الظفر والنصر { قَالُوۤاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ }. الاسْتِحْواذ في اللغة: الاستيلاء. يقال: حَاذ الحِمَارُ أُتُنَهُ؛ إذا استولى عليها وجمعها. فالمعنى: ألم نغلب عليكم بالموالاة لكم، ونستولي عليكم بالمعونة، والذب عنكم. { وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } بالتثبيط تارة، وبنقل الأخبار إليكم أخرى، امتنوا بذلك عليهم ليدفعوا نصيبهم من الغنيمة إليهم. { فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } أيها المؤمنون والمنافقون، وفي قوله: { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } إشعار بأن الحكم يقع على ما أضمروه لا على ما أظهروه، بخلاف أحكام الدنيا، { وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً }. قال رجل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أرأيت قول الله: { وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } وهم يقتلوننا؟! فقال: " ولن يجعل الله للكافرين " يوم القيامة " على المؤمنين سبيلاً ". وقال ابن عباس في رواية عكرمة والضحاك: حُجَّة. وقال في رواية أبي صالح: " على المؤمنين " أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. كأنه نفى ظهور كفار العرب على الصحابة، وأثبت أن الظفر للمسلمين والعاقبة لهم، فكان كذلك. وقيل: هذا نفيٌ لاستيلاء الكفار على المسلمين بحيث يستأصلونهم، فإن العاقبة للمسلمين، وإن كانت الحرب سجالاً بين المسلمين والكافرين.