الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }

قوله: { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ } قيل: إنها متعلقة بقصة ابن أُبيرق.

قال السدي وغيره: اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما فقير والآخر غني، فكان صِغْو النبي صلى الله عليه وسلم مع الفقير لكونه لا يظلم الغني في مستقر العادة، فنزلت هذه الآية.

والمعنى: كونوا مجتهدين في إقامة العدل.

{ شُهَدَآءَ للَّهِ } أي: لوجهه ورضاه، لا تأخذكم فيه لومة لائم، { وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ } ولو كان الحق عليكم { أَوِ } على { ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ } والشهادة على الأنفس مجاز عن الإقرار بما عليها من الحقوق.

{ إِن يَكُنْ } يعني: المشهود عليه، أو له { غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } أعلم بحالهما، فلا تصرفنكم عن شهادة الحق والقيام بالعدل، مسكنة الفقير، ولا نباهة الغني.

{ فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ } كراهة أن تعدلوا عن الحق، أو لأن تعدلوا.

ولقد أحسن القائل:
وَاعْلَمْ بأَنَّكَ لَنْ تَسُودَ وَلَنْ تَرَى    سُبُلَ الرَّشَادِ إِذا اتَّبَعْتَ هَوَاكَا
{ وَإِن تَلْوُواْ } ألسنتكم أيها الشهود عن الشهادة فتحرفوها، { أَوْ تُعْرِضُواْ } عنها، فلا تؤدوها.

وقيل: " وإن تلووا " وجوهكم أيها الحكام إلى بعض الخصوم، " أو تعرضوا " عن بعض.

وقرأ ابن عامر وحمزة: " وإن تَلُوا " من الوِلاية، أي: تَلُوا إقامة الشهادة، أو أمور الناس، والحكم بينهم " أو تعرضوا " عن ذلك، { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } فهو يتولى جزاء القاسطين والمقسطين.