{ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } فإليه فارغبوا، وإياه فاسألوا. { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } قوله: " من قبلكم " متعلق بـ " وصينا " أو بـ " أُوتوا " ، والمعنى: وصينا أهل الكتب من قبلكم، وإياكم يا أهل القرآن وصينا أيضاً أن تخافوا الله وتحذروه. { وَإِن تَكْفُرُواْ } عطف على " أن اتقوا " ، أي: قلنا لهم ولكم: اتقوا، وقلنا لهم ولكم: إن تكفروا، { فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } خلقاً وملكاً وعبيداً. فإيمانكم لا يزيد في سلطانه، وكفركم لا ينقص منه. { وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً } عنكم، { حَمِيداً } يستحق الحمد منكم. ثم هَدَّدَ المنافقين والمشركين فقال: { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذٰلِكَ قَدِيراً }. قوله: { مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا } كالمقاتل مثلاً يطلب المدح والغنيمة بقتاله، ولا تخطر الآخرة بباله، فماله يعدل عن الأخص إلى الأخس، وإلى الأرذل عن الأفضل، ولكن هذا الحرمان أنتجه الخذلان، والا فلو نوى بقتاله الجهاد في سبيل الله والطاعة لفاز بالمُعَلَّى من قَدح الثواب في الدارين، والمدح بالشجاعة. وقال الزجَّاج: كان مشركوا العرب يتقربون إلى الله ليعطيهم من خير الدنيا، ويصرف عنهم شرها، ولا يؤمنون بالبعث، فأعلم الله عز وجل أن خير الدنيا والآخرة عنده.