الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } * { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَٰثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَٰناً مَّرِيداً } * { لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } * { وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلأَنْعَٰمِ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيْطَٰنَ وَلِيّاً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً } * { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } * { أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً }

قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } ذُكر سبب نزولها من قبل في هذه السورة.

وقد رُوي عن ابن عباس: أن شيخاً من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني منهمكٌ في الذنوب، إلا أني لم أشرك بالله شيئاً منذ عرفته، وإني لنادم مستغفر، فما حالي؟ فنزلت هذه الآية.

وكان يحيى بن معاذ الرازي يقول: إلَهي أطعتك في أحب الأشياء إليك - وهو التوحيد -، ولم أعصك في أبغض الأشياء إليك - وهو الشرك - فاغفر لي ما بينهما. قوله: { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَٰثاً } أي: ما يعبدون من دون الله إلا إناثاً، جمع أُنثى، كما قرأ ابن عباس.

قال الحسن: لم يكن حي من أحياء العرب إلا لهم صنم يعبدونه، ويسمونه أُنثى بني فلان.

قال: وكل شيء لا روح فيه كالحجر والخشب فهو إناث.

وقال جماعة - منهم السدي -: الإناث: اللاَّت، والعُزَّى، ومناة.

وقال الزجَّاج: المعنى: ما يدعون إلا ما يسمونه باسم الإناث.

وقال الضحاك: المراد: الملائكة، كانوا يزعمون أنها بنات الله. تعالى الله عن ذلك عُلُواً كبيراً.

وقرأ سعد بن أبي وقاص: " إلا وَثَناً ".

وقرأت عائشة: " أوثاناً ".

وقُرئ: " أُثُناً " بالتثقيل والتخفيف، جمع وَثَن، كأَسَد وأُسُد، وقلب الواو ألفاً مثل: " أُجُوه " في وجوه. وكذلك " أُقِّتَتْ " أصلها: وُقِّتَتْ.

{ وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَٰناً مَّرِيداً } قال ابن عباس: في كل صنم شيطان يتراءى للسدنة فيكلمهم.

وقال أُبَيّ بن كعب: مع كل صنم جِنِّيَّة.

وقال الزجَّاج: يعني به إبليس، وهم إذا أطاعوه فيما سوَّل لهم فقد عبدوه.

و " المَرِيد ": العاتي المتجرد عن الخير، الظاهرُ الشر، ومنه: الأَمْرَد، وشجرة مَرْدَاء: إذا تناثر ورقها وتجرَّدت، وصخرة مَرْدَاء: مَلْسَاء.

{ لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ } صفتان للشيطان، التقدير: إلا شيطاناً لعيناً قائلاً ذلك.

وقيل: هو دعاء عليه باللعن.

{ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } حظاً مقطوعاً، أقتطعتهم لنفسي، ومنه: فُرْضة النهر، وفُرْضة القوس، وهو الحز الذي يُشَد فيه الوتر. وفُرِض له في العطاء، وفرض للجند.. كل ذلك أصله القطع.

قال الحسن: مِن كلِّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار.

{ وَلأُضِلَّنَّهُمْ } يعني: عن سبيل الهدى إلى طريق الردى، { وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ } الأماني الباطلة.

قال ابن عباس: أقول لهم: لا جنة ولا نار، وأسوّفهم بالتوبة.

ولقد عجبتُ من كشف صاحب الكشاف قِنَاع الحياء، ورفضه الأحاديث الصحيحة الصريحة لخيالات الآراء، وتحريفه كلام الله عن مواضعه، حتى إنه قال في قوله تعالى: " ولأمنينهم ": يعني: الأماني الباطلة، فعدّ منها: الخروج من النار بعد دخولها بالشفاعة، فَرَدّ أحاديث الشفاعة، وقد رواها أئمةُ الإسلام، وحُفَّاظ الحديث والأحكام، وسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من سادات الصحابة، ورُوِيت عنهم، وسُمِعت منهم؛ كأبي بكر، وعمر، وابنه، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبادة بن الصامت، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري وغيرهم.

السابقالتالي
2