الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَٰجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَٰلَةً أَو ٱمْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ فَإِن كَانُوۤاْ أَكْثَرَ مِن ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ }

قوله: { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَٰجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ } هذا فرض الزوج من تركة زوجته عند عدم ولدها، وولد ابنها منه، أو من غيره. وفرضه: الربع مع وجود ولدها، أو ولد ابنها منه أو من غيره، وفرض الزوجة من الزوج على النصف من ذلك في الحالين، وللزوجات من الزوج الواحد إذا اجتمعن ما للزوجة إذا انفردت من الربع أو الثُمُن.

قوله: { وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَٰلَةً أَو ٱمْرَأَةٌ } اعلم أن هذه الآية في شرح توريث الكلالة، وهم الذين يُنسبون إلى الميت بواسطة، وللعلماء في الكلالة اختلاف، ومقصود الكلام فيها يحصره فصول نظمها بعضهم فقال:

الفصل الأول:

كثر أقوال الصحابة في تفسير الكلالة:

فاختيار أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله تعالى عنه: أنها عبارة عمَّن سوى الوالد والولد، وهو الصحيح. وبه قال عليّ، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء، والزهري، وقتادة، والفرَّاء.

وأما عمر رضي الله عنه فكان يقول: الكلالة: مَن سوى الولد. وهو قول طاوس.

وقال الحكم: الكلالة: ما عدا الولد، وقيل: بنو العم الأباعد.

وقال عطية: الإخوة من الأم.

وروي عن عمر: أنه قال - لما طُعِنَ -: كنت أرى أن الكلالة: مَن لا ولد له، وأنا أستحي أن أخالف أبا بكر، الكلالة: مَن عدا الوالد والولد.

وروي عن عمر أيضاً: التوقف، وكان يقول: ثلاثة لأن يكون بيَّنهن رسول الله لنا أحبُّ إليّ من الدنيا وما فيها: الكلالة، والخلافة، والربا.

والدليل على صحة قول أبي بكر وجوه:

الأول: التمسك باشتقاق لفظ الكلالة، وفيه وجوه:

الأول: يقال: كَلَّت الرحم بين فلان وفلان؛ إذا تباعدت القرابة، وحمل فلان عن فلان، ثم كَلَّ عنه؛ إذا تباعد، فسمِّيت القرابة البعيدة: كلالة من هذا الوجه.

الثاني: يقال: كَلَّ الرَّجُلُ كَلالَةً وكَلالاً؛ إذا أَعْيا وذهبت قوّته، ثم جعلوا هذا اللفظ استعارة من القرابة الحاصلة، لا من جهة الولاد، وذلك لأنَّا بيّنا أن هذه القرابة حاصلة بواسطة الغير، فيكون فيها ضعف، وبهذا يظهر أنه يبعد إدخال الوالد في الكلالة، لأن انتسابه إلى الميت بغير واسطة.

الثالث: الكلالة في أصل اللغة: عبارة عن الإحاطة، ومنه: الإكليل لإحاطته بالرأس، ومنه: الكلّ، لإحاطته بما يدخل فيه، ويقال: تَكَلَّلَ السحاب؛ إذا صار محيطاً بالجوانب.

إذا عرفت هذا فنقول: مَن عدا الوالد والولد، إنما سمُّوا بالكلالة؛ لأنهم كالدائرة المحيطة بالإنسان، وكالإكليل المحيط برأسه، أما قرابة الولاد فليست كذلك، فإن فيها يتفرع البعض عن البعض، ويتولد البعض من البعض؛ كالشيء الواحد الذي يتزايد على نسق واحد، ولهذا قال الشاعر:
نسب تتابع كابراً عن كابر    كالرمح أنبوباً على أنبوب

السابقالتالي
2 3