الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً } * { وَٱسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً } * { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } * { هَٰأَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } * { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } * { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } * { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } * { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً }

قوله: { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ... } الآيات ذهب ابن عباس وقتادة، وجمهور المفسِّرين إلى أنها نزلت في طعمة بن أبيرق، وكان من حديثه: على ما أخرجه الترمذي بإسناده عن قتادة بن النعمان، قال: " كان أهل بيت منّا، يقال لهم بنو أُبيرق: بشْر وبُشَيْر ومُبَشِّر، وكان بُشير رجلاً منافقاً، يقول الشعر ويهجو به أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثم ينحله بعض العرب يقول: قال فلان كذا وكذا. قال قتادة: فنُقِبت مَشْربة عمي رفاعة بن زيد ليلاً، وذُهِبَ بطعامه وسلاحه، وقيل لنا: إن بني أبيرق استوقدوا ناراً في هذه الليلة، ولا نراه إلا لبعض طعامكم، قال: فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أهل بيت منا أهلَ جفاء، عمدوا إلى عمي، فنقبوا مشربة له، وأخذوا سلاحه وطعامه، فليردوا علينا سلاحنا، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه.

فذهب قوم من بني أُبيرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن قتادة وعمّه، عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير ثبت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتادة: عمدتَ إلى أهل بيت ذُكِر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة من غير ثبت؟ قال: فرجعتُ، ولوددتُ أني خرجت من بعض مالي، ولم أكلم رسول الله في ذلك، فلم يلبث أن نزل القرآن: { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ... } الآيات، فأُتي رسول الله بالسلاح فرده إلى عمي، فلما أتيته به، وكان شيخاً قد عَشِيَ في الجاهلية، وكنت أُرَى إسلامه مدخولاً، فلما أتيته بالسلاح قال لي: يا ابن أخي؛ هو في سبيل الله، فعرفتُ أن إسلامه كان صحيحاً، فلما نزل القرآن لحق بُشَيْر بالمشركين، فنزل على سلافة بنت سعد، فرماها حسان بن ثابت بأبيات من الشعر، فأخذتْ رحله فرمتْ به في الأبطح، وقالت: أهديتَ إليَّ شعر حسان، ما كنتَ تأتيني بخير ".

قال ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب: شهد بُشَيْر مع أخويه بشر ومبشر أُحُداً، وكانوا أهل حاجة، فسرق بشير من رفاعة بن زيد درعه، ثم ارتد في شهر ربيع الأول سنة أربع من الهجرة.

قلتُ: وجمهور المفسِّرين يقولون: طعمة بن أبيرق، ولعله لقبٌ لبشير، أو اسم آخر كان يُسمَّى به، والله أعلم.

وروى أبو صالح عن ابن عباس، قال: كان الدرع في جراب فيه دقيق، فجَعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار، ثم خبأها عند رجل من اليهود، فالتُمستِ الدرع عند طُعمة، فلم تُوجَد، وحلف ما لي بها علم، فتركوه، واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي، فأخذوها، فقال: دفعها إليَّ طُعمة.

السابقالتالي
2 3 4 5