الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً } * { وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }

قوله: { فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ } أي: فرغتم من صلاة الخوف، { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } بألسنتكم وقلوبكم، في جميع أحوالكم.

وقيل: الأمر بالذِكر كناية عن الصلاة، أي: صلُّوا أيها الأصحاء، { قِيَاماً وَ } صلُّو أيها المرضى، والجرحى العاجزون عن القيام { قُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ } إن لم تستطيعوا القعود.

{ فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ } أي: سكنتم بالرجوع إلى الوطن، { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ } أتموها وصلُّوا صلاة الأمن، { إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً } أي: فرضاً مؤقتاً لا يسقطها خوف ولا مرض، ولا حال من الأحوال ما دام الإنسان أهلاً للتكليف.

وفي هذه الآية حُجَّة على أبي حنيفة في قوله: يجوز تأخير الصلاة حالة المسايفة إلى زمان الطمأنينة.

قوله: { وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ } أي: لا تضعفوا عن طلب أبي سفيان وأصحابه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف من أُحُد أمر أصحابه بالمسير في أثر القوم، فشكوا إليه ألم الجراح، فأنزل الله هذه الآية.

{ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ } يقال: أَلِمَ الرَّجُلُ يَأْلَمُ فهو آلِمٌ.

ثم نبههم على أنهم أولى بالصبر لما يأملون من الأجر، فقال: { وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ } من النصر، وكون العاقبة لكم، ومن نعيم الجنة وما أعد الله فيها للمجاهدين في سبيله { مَا لاَ يَرْجُونَ }.

{ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } يعلم ما بكم وبهم من ألم الجراح وغيره، { حَكِيماً } في تدبيره، وقد أمركم على لسان رسوله مع علمه وحكمته باتباعهم، فكان من شأنكم أن تبادروا إلى امتثال أمره.