الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

قوله: { وإذا كنت فيهم } خطابٌ للنبي صلى الله عليه وسلم وكلُّ قائم بالأمر من بعده على أُمته بمنزلته، كقوله:خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً } [التوبة: 103].

وكان الحسن وأبو يوسف لا يريان صلاة الخوف بعد النبي صلى الله عليه وسلم تمسكاً بظاهر هذه الآية.

والضمير في " فيهم " يعود إلى الخائفين.

{ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ } ، أي فرِّقهم طائفتين، " فلتقم طائفة منهم معك " في صف الصلاة، وطائفة بإزاء العدو تحرس، { وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ } يعني: الحارسين، وقيل: المصلين، فإنه يشرع لهم أن يحملوا من السلاح ما لا يُثْقِلُهُم كالسيف والسكين، { فَإِذَا سَجَدُواْ } يعني: المصلين، { فَلْيَكُونُواْ } يعني: الحارسين { مِن وَرَآئِكُمْ } ، وقيل، " فليكونوا " يعني: المصلين أيضاً، على معنى: فإذا قضوا السجود فلينصرفوا إلى العدو.

واختلفوا في كيفية ذلك:

فقيل: إذا صلُّوا مع الإمام ركعة أتموا لأنفسهم أخرى، ثم سلَّموا وانصرفوا إلى الحرس، وقد تمت صلاتهم، ثم تأتي الطائفة الأخرى، فتُصلِّي الركعة الأخرى مع الإمام، ثم يركد الإمام في التشهد، حتى تأتي بالركعة الفائتة، ثم يُسلِّم بهم. وهذا اختيار الإمامين أحمد والشافعي - رضي الله عنهما - ويُروى نحوه عن مالك.

وقيل: يثبت الإمام قائماً إذا صلُّوا معه ركعة، ثم ينصرفون إلى الحرس، وتأتي الطائفة الأخرى التي كانت تحرس، فتُصلِّي مع الإمام ركعة، ويُسلِّم الإمام وحده، ثم ترجع إلى العدو ثم تجيء الأولى فتتم صلاتها، وتُسلِّم، ثم تنصرف إلى العدو، ثم تأتي الأخرى فتُتم صلاتها وتُسلِّم، وهذا اختيار أبي حنيفة.

فإن صلَّى على هذا الوجه الذي اختاره أبو حنيفة فصلاته صحيحة عند إمامنا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاَّها على هذا النحو.

وقال الشافعي: لا تصح.

قال الإمام أحمد: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف من خمسة أوجه، أو ستة، كل ذلك جائز لمن فعله.

قوله: { وَلْيَأْخُذُواْ } يعني: الذين صلُّوا أوّلاً.

وقيل: الذين كانوا وجاه العدو.

وقيل: هو أمر للجميع بالتيقظ والتحرز، وحمل السلاح.

قوله: { وَلاَ جُنَاحَ } أي: لا إثم { عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ } في الصلاة وغيرها إذا لم تخافوا معرَّة العدو، { وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ } على كل حال في الصلاة وغيرها.