قوله تعالى: { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ } أي: زعموا أن له [ولداً أو شريكاً]. وقال الحسن: هم الذين يقولون إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل. { وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } مبتدأ وخبر في موضع الحال، أو مفعول ثان إن [كان] " ترى " من رؤية القلب. والأول أجود. قال الزجاج: ويجوز " وجوهَهُم مسودةً " بالنصب على البدل من " الذين كذبوا ". المعنى: ويوم القيامة ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودةً. قوله تعالى: { وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ } وقرأتُ ليعقوب من رواية أبي حاتم وروح: [ " ويُنْجِي " ] بالتخفيف. { ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ } وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم: " بمَفَازَاتِهِمْ " على الجمع. قال أبو علي: حجة من قرأ على الإفراد: أن المفازة والفوز واحد، وإفراد المفازة كإفراد الفوز من حيث إنه مصدر. ووجه من قرأ على الجمع: أن المصادر قد تجمع إذا اختلفت أجناسها، ومثله في الجمع والإفراد قوله تعالى:{ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } [الأنعام: 135] و " مكاناتكم ". وقال الزمخشري: قرئ: " بمفازاتهم " على أن لكل مُتَّق مفازة. قوله تعالى: { لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوۤءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } تفسير للمفازة، كأنه قيل: وما مفازتهم؟ فقيل: لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون، أي: ننجيهم بنفي السوء والحزن عنهم أو بسبب منجاتهم، من قوله تعالى:{ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ ٱلْعَذَابِ } [آل عمران: 188] أي: بمَنْجَاةٍ منه. فإن قلت: ما محل " لا يمسهم " من الإعراب على التفسيرين؟ قلتُ: أما على الأول فلا محل له. وأما على الثاني فمحله النصب على الحال. قوله تعالى: { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } قال الزجاج وابن قتيبة وغيرهما من أهل اللغة والمفسرين: المقاليد: المفاتيح. يريد: أن كل شيء من السماوات والأرض فالله خالقه ومالكه وفاتح بابه، ولا واحد للمقاليد من لفظها. وقيل: واحدها: مِقْلِيد، ويقال: إِقْلِيد، والكلمة أصلها فارسية وعرَّبتها العرب. قال المفسرون: مقاليد السموات: المطر، ومقاليد الأرض: النبات. { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَاتِ ٱللَّهِ } مُتصل بقوله: { وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ } ، وما بينهما اعتراض. { قُلْ } يا محمد لكفار قريش وغيرهم: { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ } و " غير " منصوب بـ " أعبد " لا بـ " تأمروني " ، والتقدير: أتأمروني أن أعبد غير الله، فحذف «أنْ» ورفع الفعل، كما في قوله:
.......... أحْضُرُ الوغى
...............................
والدليل على صحة هذا: قراءة من قرأ " أعْبُدَ " بالنصب. وقال أبو علي: " تأمروني " يقتضي مفعولين، والياء المفعول الأول، و " غير " مفعول ثان. و " أعبد " في تقدير: أن أعْبُدَ، في موضع البدل من " غير ".