الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } * { وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } * { أَن تَقُولَ نَفْسٌ يٰحَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ } * { أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } * { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ }

قوله تعالى: { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } أي: جَنُوا عليها بالإسراف في المعاصي والغُلوّ فيها.

{ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } أخبرنا الشيخان أبو القاسم السلمي وأبو الحسن علي بن أبي بكر قالا: أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا عبدالرحمن، أخبرنا عبدالله، أخبرنا محمد، حدثنا إسماعيل البخاري، حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، أن ابن جريج أخبرهم، قال يعلى: إن سعيد بن جبير أخبرهم عن ابن عباس: " أن ناساً من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزلت:وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ } [الفرقان: 68]، ونزل قوله تعالى: { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } ".

وقال ابن عمر: نزلت في عياش بن أبي ربيعة، والوليد بن الوليد، ونفر من المسلمين كانوا بمكة وكانوا قد أسلموا ثم عُذبوا فافتتنوا، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: لا يَقبل الله من هؤلاء صرفاً ولا عدلاً، قوم تركوا دينهم لعذاب عُذبوه، [فنزلت] هذه الآية، فكتب بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه إليهم فأسلموا وهاجروا.

وقيل: نزلت في وحشي، قاتل حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه.

وهذه الآية من أرجى الآيات المؤذنة برحمة الله تعالى.

ويروى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين نزلت: ما أحبُّ أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية.

وقال علي عليه السلام: ما في القرآن آية أوسع من { يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ... } الآية.

وقال ابن مسعود: إن أكثر آية في القرآن فرجاً هذه الآية.

قوله تعالى: { وَأَسْلِمُواْ لَهُ } أي: أخلصوا له التوحيد واخضعوا له.

{ وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم } مفسر في الأعراف في قوله تعالى:وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } [الأعراف: 145].

قوله تعالى: { أَن تَقُولَ نَفْسٌ } قال المبرد: المعنى: بادروا قبل أن تقول، واحذروا من أن تقول.

وقال غيره: كراهة أن تقول نفس.

{ يٰحَسْرَتَا } وقرأتُ لأبي جعفر: " يا حسرتايَ " بألف بعد التاء وياء مفتوحة.

وقرأ الحسن وأبو العالية: " يا حسرتي " بكسر التاء وسكون الياء على الأصل. والمعنى: يا ندامتي احضري، فهذا أوانك.

{ عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ } " ما " مصدرية.

قال الحسن: في طاعة الله.

وقال سعيد بن جبير: في حق الله.

وقال مجاهد والزجاج: في أمر الله. وأنشدوا للسابق البربري:
أما تتقينَ اللهَ في جَنْبِ [وَامِقٍ]    له كبدٌ حرّى عليكِ تَقَطَّع
وقال الفراء: الجنب: القرب، أي: على ما [فرطت] في قُرب الله وجواره.

السابقالتالي
2