الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { قَدْ قَالَهَا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ هَـٰؤُلاَءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ } * { أَوَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

قوله تعالى: { فَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا } قال مقاتل: هو أبو حذيفة بن المغيرة. وقد سبق في هذه السورة نظيره.

{ ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا } مُفسّر في أوائل هذه السورة أيضاً.

{ قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ } أي: أتيت الإنعام أو شيئاً من النعمة.

وقيل: " إنما " موصولة لا كافة، فرجع الضمير إليها، على معنى: الذي أوتيته على علم.

وقد سبق تفسيره في قصة فرعون في سورة القصص.

{ بَلْ هِيَ } يريد: النعمة { فِتْنَةٌ } ابتلاء وامتحان، أيشكُر أم يكفُر؟.

وقرئ: " بل هو فتنة " حملاً على " إنما أوتيته ".

وقيل: " بل هي " يريد: الكلمة أو المقالة التي قالها فتنة.

{ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أنهم مستدرجون أو مفتونون.

قال صاحب الكشاف: إن قلت: ما السبب في عطف هذه الآية بالفاء وعطف مثلها في أول السورة بالواو؟ قلتُ: السبب في ذلك: أن هذه وقعت مسببة عن قوله تعالى:وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ } [الزمر: 45] على معنى: أنهم يشمئزون عن ذكر الله تعالى ويستبشرون بذكر الآلهة، فإذا مسّ أحدهم ضرٌ دعا من اشمأز من ذِكْرِه، دون من استبشر بذِكْرِه، وما بينهما من الآي اعتراض.

وأما الآية الأولى فلم تقع مسببة، وما هي إلا جملة ناسبت جملة قبلها فعطفت عليها بالواو؛ كقولك: قام زيد وقعد عمرو.

قوله تعالى: { قَدْ قَالَهَا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي: قد قال هذه الكلمة أو هذه المقالة أو هذه الجملة من الكلام الذين من قبلهم.

وقرئ: " قاله الذين من قبلهم ": قارون وقومه، حيث قال:إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ } [القصص: 78] وقومه راضون بها، فكأنهم قالوها.

وقال السدي: هم الأمم الماضية.

يشير إلى أن فيهم من قال مثل هذه المقالة.

{ فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ } " ما " نافية أو استفهامية { مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من متاع الدنيا ويجمعون منه.

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ هَـٰؤُلاَءِ } أي: من مشركي مكة وأضرابهم { سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } أي: جزاء سيئاتهم كما أصاب الذين من قبلهم، فأصابهم ذلك يوم بدر بقتل صناديدهم وحبس القطر عنهم سبع سنين، ثم بسط لهم الرزق فمطروا سبع سنين، فذلك قوله تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ... الآية }.