قوله تعالى: { يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ } قال أبو عبيدة: يُدْخِلُ هذا على هذا، وهذا على هذا. قال ابن قتيبة: أصل [التكوير]: اللَّفُّ، ومنه كَوْرُ العمامة. وقال غيره: أصل التَّكوير: طرح الشيء بعضه على بعض. وما بعده مفسر إلى قوله تعالى: { ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } يعني: حوّاء من آدم عليهما السلام. وقد أشرنا إلى دفع الإشكال في الترتيب بحرف " ثم " مع تقدم خلق حواء على خلق المخاطبين في سورة النساء عند قوله تعالى في أواخرها:{ ثُمَّ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } [النساء: 153] بعد قوله تعالى:{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ } [النساء: 153]. وقيل: أخرج الله تعالى ذرية آدم عليه السلام من ظهره [كالذَّرِّ]، ثم خلق بعد ذلك حوّاء. قوله تعالى: { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ } أي: قضى لكم وقَسَم، والقضاء والقَسَم موصوف بالنزول من السماء. وقيل: لما كانت لا تعيش إلا بالماء والنبات النامي من الماء، والماء من السماء، فكأنه أنزلها من السماء. وقد أشرنا إلى تفسير ذلك في الأنعام. { خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ } يريد: نطفاً، ثم علقاً، ثم مضغاً، ثم عظاماً، ثم لحماً، إلى غير ذلك من تقلبات أحوال الإنسان إلى أن يظهر إلى الوجود. وقيل: خلقاً في بطون أمهاتكم من بعد خلق في ظهر آدم. { فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ } قال ابن عباس وقتادة وعامة المفسرين: هي ظلمة البطن، والرَّحم، والمشيمة. وقيل: ظلمة البطن، والرّحم، والصلب.