الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ يٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُـمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ لِلنَّـاسِ بِٱلْحَقِّ فَـمَنِ ٱهْتَـدَىٰ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَـلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِـيلٍ } * { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

{ قُلْ يٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُـمْ } مُفسر في الأنعام.

وما بعده مفسر إلى قوله تعالى: { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا } أي: يقبضها عند فناء أجلها، { وَٱلَّتِي لَمْ تَمُتْ } أي: ويتوفى التي لم تمت { فِي مَنَامِـهَا } وسماهُ وفاة على وجه التشبيه للنائمين بالموتى، ومنه قوله تعالى:وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّيلِ } [الأنعام: 6].

قال الزجاج: المتوفى وفاة الموت هو الذي قد فارقته النفس التي تكون بها الحياة والحركة، والنفس التي تميز بها، والتي تتوفى في النوم نفس [التمييز] وحدها لا نفس الحياة التي إذا زالت زال معها النَّفَس، والنائم يتنفَّس.

وقال ابن عباس: في ابن آدم نفس وروح، فالنفس العقل والتمييز، وبالروح النفس والتحريك، فإذا نام العبد قبض الله تعالى نفسه ولم يقبض روحه.

وقال ابن جريج: في ابن آدم نفس وروح بينهما حاجز، والله تعالى يقْبِضُ النَّفْسَ عند النوم ثم يَرُدُّها إلى الجسد عند الانتباه، فإذا أراد إماتة العبد في نومه لم [يَرُدَّ] النَّفْسَ وقَبَضَ الروح.

وقال سعيد بن جبير: إن الله تعالى يقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا، فيتعارف ما شاء الله أن يتعارف، { فَيُمْسِكُ ٱلَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ } فلا يعيدها، { وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ } فيعيدها.

وذهب بعض العلماء إلى أن التوفي المذكور في حق النائم هو نومه، وهو اختيار الفراء وابن الأنباري.

فعلى هذا؛ معنى توفي النائم: قبض نفسه عن التصرف، وإرسالها: إطلاقها باليقظة في التصرف.

قرأ حمزة والكسائي: " قُضِيَ " بضم القاف وكسر الضاد وفتح الياء على ما لم يُسمّ فاعله، " الموتُ " بالرفع. وقرأ الباقون " قَضَى " بفتح القاف والضاد، " الموتَ " بالنصب، حملاً على قوله: { وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ } في بناء الفعل للفاعل.