الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ } * { وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { لِيُكَـفِّرَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ٱلَّذِي كَـانُواْ يَعْمَلُونَ }

قوله تعالى: { وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } قال علي عليه السلام وأبو العالية وابن السائب: " الذي جاء بالصدق ": رسول الله صلى الله عليه وسلم، " وصدَّق به ": أبو بكر رضي الله عنه.

وقال ابن عباس: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلا إله إلا الله وصدق به.

وقال مجاهد في رواية الليث عنه: " الذي جاء بالصدق ": رسول الله صلى الله عليه وسلم، " وصدّق به ": علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقال قتادة: " الذي جاء بالصدق ": رسول الله صلى الله عليه وسلم، " وصدّق به ": المؤمنون.

وقال عطاء: " الذي جاء بالصدق ": الأنبياء، " وصدّق به ": الأتباع.

ويدل عليه قراءة ابن مسعود وأبي العالية: " والذي جاؤوا بالصدق وصدقوا به ".

وقال السدي: " الذي جاء بالصدق ": جبريل جاء بالقرآن، " وصدّق به ": محمد صلى الله عليه وسلم.

وقرأ أبو صالح الكوفي السمان ومحمد بن جحادة: " وصَدَقَ به " بالتخفيف، على معنى: وصَدَقَ به الناس ولم يكذبهم به، يعني: أدَّاه إليهم كما نزل إليه من غير تحريف.

قوله تعالى: { ٱلَّذِي } هاهنا اسم جنس، يدل عليه قوله: { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } ، ومثله:
إنّ الذي حَانَتْ بفلْجٍ دماؤُهُم    هُمُ القومُ كُلُّ القومِ يا أمَّ خالد
قوله تعالى: { لِيُكَـفِّرَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ } اللام من صلة قوله تعالى: { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ }. وقيل: هو لام القسم، التقدير: والله ليكفرن الله عنهم، فكُسرت اللام وحذفت النون. والمعنى: أسوأ الذي عملوا قبل الإيمان والتوبة.

وقيل: أسوأ الذي عملوا من الصغائر؛ لأنهم يتقون الكبائر. ذكر هذين الوجهين الماوردي.

ولا معنى للأول؛ لأن مدلوله أن المصدق لا يعمل عملاً يوصف بالاستواء، ولا للثاني لأنه مُشعر أن المصدّق لا يقع في كبيرة.

والمعنى: أن الله تعالى يكفر عنهم أسوأ أعمالهم، فما ظنك بغير الأسوأ.

وقيل: الذي فرط منهم هو عندهم الأسوأ؛ لاستعظامهم المعصية، والحسَن الذي يعملونه هو عند الله الأحسن؛ لحسن إخلاصهم فيه؛ فلذلك ذكر سيئهم بالأسوأ وحسنهم بالأحسن.