الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ } * { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ } * { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ }

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ } قال ابن زيد: حدثني أبي أن هاتين الآيتين نزلتا في نفر كانوا في الجاهلية يقولون: لا إله إلا الله؛ زيد بن [عمرو]، وأبو ذر، وسلمان الفارسي.

والمعنى: والذين اجتنبوا عبادة ما دون الله من شيطان وكاهن وصنم.

قال الأخفش: إنما قال: { أَن يَعْبُدُوهَا }؛ لأن [الطاغوت] في معنى جماعة، وإن شئت جعلته واحداً مؤنثاً.

وقال غيره: " أنْ " مع الفعل في موضع النصب بتأويل المصدر بدل من مفعول " اجتنبوا " ، تقديره: والذين اجتنبوا عبادة الطاغوت.

{ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ } خبر المبتدأ الذي هو " والذين اجتنبوا ". والمعنى: لهم البشرى على ألسنة الرسل صلوات الله عليهم أجمعين في الدنيا، وعلى ألسنة الملائكة حين الموت وحين يحشرون.

{ فَبَشِّرْ عِبَادِ } فوصفهم فقال: { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ } وهو القرآن في قول عامة المفسرين.

{ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } مفسّر في الأعراف عند قوله تعالى:يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } [الأعراف: 145].

وقيل: بعمومه في الكلام كله.

قال ابن عباس: هو الرجل يجلس مع القوم فيسمع الحديث فيه محاسن ومساوئ فيحدث بأحسن ما سمع، ويكفّ عما سواه.

وقد ذهب بعض القراء إلى أن الوقف على قوله: { فَبَشِّرْ عِبَادِ } ويبتدئ: { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ } ، فيكون مرفوعاً بالابتداء، والخبر { أُوْلَـٰئِكَ }.

قوله تعالى: { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ }. ذكر الزجاج والزمخشري -دخل كلام أحدهما في الآخر-: أنها جملة شرطية دخل عليها همزة الإنكار، والهمزة الثانية هي الأولى، كُررت لتوكيد الكلام وطوله؛ لأنه لا يصلح في العربية أن تأتي بألف الاستفهام في الاسم والخبر.

وأصل الكلام: أمَّن حق عليه كلمة العذاب فأنت تنقذه، والفاء الثانية فاء الجزاء، والفاء الأولى عطف على محذوف يدلّ الخطاب عليه، تقديره: أأنت مالُكُ أمرهم، فمن حق عليه العذاب فأنت تنقذه.

ويجوز أن تكون الآية جملتين، على معنى: أمن حق عليه كلمة العذاب فأنت تخلصه؟ أفأنت تنقذه؟ وإنما جاز حذف " فأنت تخلصه "؛ لدلالة " أفأنت تُنقذُ " عليه.

قال عطاء: يريد بهذه الآية أبا لهب وولده، ومن تخلّف من عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان.

قوله تعالى: { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ } أي: علالي بعضها فوق بعض قد بُنيت العلالي وأحكمت إحكام المساكن التي على الأرض.

{ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } كما تجري من تحت المنازل من غير تفاوت بين العلو والسفل.

{ وَعْدَ ٱللَّهِ }: مصدر.