الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } * { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } * { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } * { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } * { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ }

{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ } متصل بقوله: " يختصمون " ، وما بينهما اعتراض.

وما بعده مُفسّر إلى قوله تعالى: { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } أي: لما توليت خلقه بنفسي { أَسْتَكْبَرْتَ } عن طاعتي والسجود لآدم { أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } ممن علا واستكبر وارتفع عن السجود له.

والاستفهام بمعنى التوبيخ، فأخبره أن امتناعه من السجود لآدم علوّه عليه فقال: { أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ }.

وما بعده سبق تفسيره إلى قوله تعالى: { قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } اتفق القرّاء على نصب " الحقَّ " الثاني، واختلفوا في الأول، فقرأ عاصم وحمزة: " قال فالحقُّ " بالرفع، ونصبه الباقون. فمن رفع جعله خبر مبتدأ محذوف، تقديره: أنا الحقُّ أو قولي، أو هو مبتدأ، خبره محذوف، على معنى: قال فالحق مني، كما قال تعالى:ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } [البقرة: 147].

ومن نصب فعلى معنى: الزموا الحق، أو على معنى: أحق الحق، كقوله تعالى:وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ } [يونس: 82].

وقيل: هو قسم، فلما حذفت الباء انتصب، كما تقول: الله لأفعلنّ، أي: قال فبالحق لأملأن جهنم، وما بينهما اعتراض.

والحق الثاني منصوب بـ " أقول ".

ويروى عن أبي عمرو من غير طرقه المشهورة: " والحقُّ أقولُ " بالرفع.

ووجهه ظاهر.

{ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ } أي: من جنسك، { وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ } من ذرية آدم { أَجْمَعِينَ }.

{ قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي: على القرآن { مِنْ أَجْرٍ } أو الوحي، أي: على تبليغه من أجر فتتهموني.

{ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } الذين يتصنعون ويتحلون بما ليسوا من أهله، وقد عرفتموني بالبراءة من ذلك، فكيف أنتحل النبوة وأتكلف ما لم أؤمر به وأتقوَّل القرآن.

أخبرنا الشيخان أبو القاسم وأبو الحسن البغداديان، قالا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول، أخبرنا عبدالرحمن بن محمد، أخبرنا عبدالله بن أحمد، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: " دخلنا على عبدالله بن مسعود قال: يا أيها الناس من علم شيئاً فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم: الله أعلم. قال الله تعالى لنبيه: { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } " هذا حديث صحيح.

{ إِنْ هُوَ } يعني: القرآن { إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } موعظة للجن والإنس.

{ وَلَتَعْلَمُنَّ } يا كفار مكة { نَبَأَهُ } خبر صدقه { بَعْدَ حِينِ }.

قال ابن عباس وقتادة: بعد الموت.

قال الحسن: يا ابن آدم! عند الموت يأتيك الحق اليقين.

وقال عكرمة: يوم القيامة.

وقال السدي: يوم بدر.

وقال ابن السائب: من بقي عَلِمَ ذلك لما ظهر أمره وعلا، ومن مات [علمه] بعد الموت. والله تعالى أعلم.