{ قُلْ } يا محمد لأهل مكة: { إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ } أُخَوِّفكم عقوبة الله. { قُلْ هُوَ } يعني: القرآن، في قول مجاهد والضحاك وعامة المفسرين. وقيل: المعنى: هذا الذي أنبأتكم به من كوني رسولاً منذراً، وأن الله واحد قهار { نَبَأٌ عَظِيمٌ } لا يعرض عنه إلا غافل شديد الغفلة. { أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } لا تتفكرون فيه. والمقصود من ذلك: تنبههم على التفكر في القرآن ليستدلوا به على صدق محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته، ألا تراه يقول: { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ } يعني: الملائكة { إِذْ يَخْتَصِمُونَ } في آدم حين قال الله تعالى:{ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا... } [البقرة: 30] إلى آخر القصة. قاله ابن عباس وأكثر المفسرين. وقيل: اختصامهم ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رأيت ربي عز وجل فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: أنت أعلم يا رب، قال: في الكفارات والدرجات. فأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. وأما الدرجات فإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام ". قوله تعالى: { إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ } أي: ما يوحى إلي { إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }. قال الفراء: المعنى: ما يوحى إليّ إلا أني نبي ونذير مبين أُبَيِّنُ لكم ما تأتون من الفرائض والسنن، وما تدعون من الحرام والمعصية. وقرأتُ لأبي جعفر: " إلاَّ إنَّما " بكسر الهمزة على الحكاية، على معنى: إن يوحى إليّ إلا هذا القول وهو إذ أقول لكم إنما أنا نذير مبين.