الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ } * { إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } * { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } * { وَٱذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ }

قوله تعالى: { وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ } وقرأ ابن كثير: " عبدنا " على التوحيد.

فعلى قراءة الأكثرين: { إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } بدل من " عبادنا ". وعلى قراءة ابن كثير وحده: بدل، ثم عطف عليه " إسحاق ويعقوب ".

فإن قيل: ما بال إسماعيل لم يذكر معهم وهو منهم؟

قلتُ: إنما لم يذكر معهم؛ لأن المعنى: واذكر هؤلاء الذين ابتلوا فصبروا، ولذلك عطف ذكرهم على ما تقدم من قصة داود وسليمان وأيوب ذوي البلوى، وإسماعيل عليه السلام لم يُبْتَل كبلواهم، إلا إذا قلنا هو الذبيح فلا يستقيم هذا الجواب.

{ أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ } الأيْدِي: جمع يد التي هي بمعنى القدرة والقوة.

قال ابن عباس: أولي [القوة] في طاعة الله تعالى، والأبصار في المعرفة بالله تعالى.

وقرأتُ لأبي عمرو من رواية عبد الوارث عنه: " الأيْدِ " بغير ياء في الحالين، وهي قراءة ابن مسعود والأعمش؛ اكتفاء بالكسرة.

قال الفراء: هو صواب، مثل الجَوَارِ والمُنَادِ.

قوله تعالى: { إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ } أي: جعلناهم لنا خالصين { بِخَالِصَةٍ } أي: بخصلة خالصة، ثم فسّرها بقوله تعالى: { ذِكْرَى ٱلدَّارِ } أي: أنهم يذكرون الدار الآخرة فيتأهبون لها ويزهدون في ضرتها.

قال أبو علي: على هذه القراءة " ذكرى " بدل من " خالصة " ، تقديره: أخلصناهم بذكرى الدار.

وقرأ نافع والحلواني عن هشام: " بخَالِصَةِ ذِكْرَى " بغير تنوين على الإضافة؛ لأن الخالصة تكون للذِّكْر وغير الذِّكْر، فإذا أضيفت إلى " ذكرى " اختصت الخالصة بهذه الإضافة، فتكون الإضافة إلى المفعول به، كأنه بإخلاصهم ذكرى الدار، أي: أخلصوا ذكرها والخوف منها [لله]، ويجوز أن تكون على إضافة المصدر الذي هو " خالصة " إلى الفاعل، تقديره: بأن [أخلصت] لهم ذكرى الدار. هذا كلام أبي علي.

{ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } يريد: من الذين اتخذهم صَفْوة، فصَفَّاهم من كل دنس، والأخْيَار: جمع خَيْر أو خَيِّر على التحقيق؛ كأمْوات في جمع مَيْت أو مَيِّت.

قوله تعالى: { وَٱذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ } أي: اذكر فضلهم وصبرهم وتأسَّ بهم واقْتَدِ بأخلاقهم.

وقد ذكرنا الْيَسْع في سورة الأنعام، وذا الكفل في الأنبياء.