الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } * { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } * { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } * { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ ٱلصَّافِنَاتُ ٱلْجِيَادُ } * { فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ } * { رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ }

قوله تعالى: { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً } أي: عبثاً.

قال ابن عباس: إلا للثواب والعقاب.

{ ذَلِكَ } إشارة إلى خلقها باطلاً { ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } فإنهم ينكرون الثواب والعقاب والحساب.

قوله تعالى: { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ } هذه " أمْ " منقطعة، والاستفهام للإنكار عليهم.

المعنى: لو بطل الحساب والجزاء لتساوى المؤمنون والمفسدون في الأرض، والمُتَّقون والفُجّار.

{ كِتَابٌ } أي: هذا كتاب، يعني القرآن { أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ } كثير خيره.

{ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ } وقرأتُ لأبي جعفر ولعاصم من طريق: " لتَدَبَّرُوا " بتاء المخاطبة وتخفيف الدال.

والمعنى: ليتفكروا فيها ويستخرجوا مكنون سرّها ويعملوا بما فيها.

{ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } قال الحسن: قد قرأ هذا القرآن عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، حفظوا حروفه وضيّعوا حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: والله لقد قرأتُ القرآن فما أسقطت منه حرفاً، وقد والله أسقطه كله، ما يرى القرآن عليه أثر في خلق ولا عمل، والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، والله ما هؤلاء بالحكماء ولا [الوَرَعَة]، لا كَثَّر الله تعالى في الناس مثل هؤلاء. قوله تعالى { إِذْ عُرِضَ } أي: اذكر إذ عرض { عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ } بعد العصر { ٱلصَّافِنَاتُ ٱلْجِيَادُ }.

قال ابن عباس: الخيل السوابق إذا وقفت صَفَنَتْ على أطراف حوافرها عُرضت عليه حتى شغلته عن صلاة العصر إلى أن غابت الشمس.

قال الزجاج: قال أهل التفسير واللغة: الصَّافِنُ: القائم الذي يُثْني إحدى يديه وإحدى رجليه حتى يقف بها على سُنْبُكِه، وهو طرف الحافر، فثلاث من قوائمه متصلة بالأرض، وقائمة منها متصلة بالأرض بطرف حافرها فقط، قال الشاعر:
ألِفَ الصُّفُونَ فلا يزالُ كأنه    مما يقومُ على الثلاث كَسِيرا
وقال بعضهم: الصَّافِن: القائم ثَنَى بعض قوائمه أو لم يَثْنِها.

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من سَرَّه أن يقوم الناس له صُفوناً فليتبوأ مقعده من النار ".

قال ابن السائب: غزا سليمان بن داود عليهما السلام أهل دمشق ونصيبين فأصاب منهم ألف فرس.

وقال مقاتل: ورث سليمان عليه السلام من أبيه ألف فرس، وكان أبوه أصابها من العمالقة.

وقال الحسن: بلغني أنها كانت خيلاً خرجت من البحر [لها] أجنحة.

قالوا: فصلى سليمان الصلاة الأولى وقعد على كرسيه وهي تعرض عليه، فتنبه لصلاة العصر وقد بقي منها مائة فرس، فإذا الشمس قد غابت ولم يعلموه بذلك هيبة له، فاغتمَّ لذلك فقال: " رُدُّوها عليَّ " ، فردوها عليه فعرقبت وعقرت بالسيف، وقربها لله تعالى، وبقي منها مائة فرس، فما في أيدي الناس اليوم من الخيل فهو من نسل تلك المائة.

قال الحسن: فلما عقر الخيل أبدله الله خيراً منها وأسرع [وهي] الريح تجري بأمره كيف يشاء.

السابقالتالي
2