الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ } * { وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ لْئَيْكَةِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلأَحْزَابُ } * { إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ } * { وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ }

وفي قوله تعالى: { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ } مع ما في حيزها تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتخويف لكفار قريش بما ذكَّرهم به من سنّته جلّت عظمته في الأمم المكذبة ممن كانوا أشد منهم قوة وأعظم مُلْكاً.

{ وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ } قال عطية: الجنود والجموع العظيمة. يشير إلى استقرار ملكه واستحكام أمره واستفحال سلطانه، وأصله من ثبات المطنب بالأوتاد، كما قال:
والبيتُ لا ينبني إلا على عَمَدٍ    ولا عِمادَ إذا لم تُرْسَ أوتَادُ
فاستعير لثبات العزة والملك كما ذكرناه، ومنه قول الأسود بن يعفر:
..........................    في ظِلِّ مُلْكٍ ثَابتِ [الأوتاد]
وقيل: هذا إشارة إلى جبروته وبطشه وتعجْرفه، فإنه كان إذا غضب على إنسان أمر به فَمُدَّ بين أربعة أوتاد وأرسل عليه العذاب.

قال مقاتل بن حيان: كان يَمُدُّ الرجل مُستلقياً على الأرض ثم [يشدّه] بالأوتاد.

وقال السدي: كان يمدّ الرجل ويشدّه بالأوتاد، ويرسل عليه العقارب والحيات.

وقيل: كان يشد كل عضو إلى سارية ويتركه في الهواء حتى يموت.

وقال قتادة وعطاء: كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب عليها بين يديه.

قوله تعالى: { فَحَقَّ عِقَابِ } أي: فوجب عليهم عقابي بتكذيبهم.

{ وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ } كفار مكة لوقوع العذاب بهم { إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً } وهي النفخة الأولى في الصور { مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ }.

قرأ حمزة والكسائي وخلف: " فُوَاق " بضم القاف والفاء، وفتحها الباقون.

قال الفراء وأبو عبيد وأبو علي: " الفَواق " - بالفتح -: الراحة والإفاقة، وبالضم: من فُواق الناقة، وهو ما بين الحلبتين.

وقيل: هما لغتان بمنزلة جَمَامُ [المَكُول] وجُمَامِهِ، وقَصَاصِ الشَّعْرِ وقُصَاصِهِ.

وقال ابن عباس وقتادة: ما لها من رجوع.

قال الزجاج: المعنى في القراءتين: ما لها من رجوع.

[والفُواق]: ما بين حَلْبَتَيْ الناقة، وهو مشتق من الرجوع أيضاً؛ لأن اللبن يعود إلى الضرع، ويقال: أَفَاقَ من مرضه؛ إذا رجع إلى الصحة، وهو من هذا أيضاً.

وقال صاحب الكشاف: ما لها من توقف مقدار فواق، وهو ما بين حَلْبَتَي الحالِب ورَضْعَتَي الرَّاضِع.

يعني: إذا جاء وقتها لم تستأخر هذا القدر من الزمان؛ كقوله تعالى:فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [النحل: 61].