الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } * { قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } * { فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ } * { فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } * { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } * { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } * { بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } * { وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } * { فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } * { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } * { لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } * { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ } * { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ }

قوله تعالى: { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } يعني: الرؤساء والأتباع.

وقال قتادة: أقبل الإنس على الجن.

{ يَتَسَآءَلُونَ } سؤال توبيخ وتلاوُم، هؤلاء يقولون: غَرَرْتُمُونا، وهؤلاء يجيبونهم: لم قَبِلْتُم منّا، ونحوه قول إبليس لهم:وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ... } [إبراهيم: 22] الآية، وجيء به على لفظ الماضي على عادة الله تعالى في إخباره، لكونه متحقق الكون.

{ قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } قال ابن عباس: تقهرونا بالقوة، واليمين: القوة، وأنشدوا:
إذا ما رايةٌ رُفعتْ لمجدٍ     تلقّاها عَرابةُ باليمين
وقال بعض أهل المعاني: لما كانت اليمين أشرف العضوين وأمثلهما وكانوا يتيمّنون بها، فبها يُصافحون وبها يُناولون ويَتناولون ويُزاولون أكثر الأمور، ويتشاءمون بالشمال، ولذلك سَمُّوها: الشؤمى، كما سموا أختها: اليُمنى، وتيمَّنوا بالسانح، وتطيّروا من البارح، وعضدت الشريعة ذلك، فأمرت بمباشرة أفاضل الأمور باليمين، [وأراذلها] بالشمال. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في كل شيء، وجعلت اليمين لكاتب الحسنات، والشمال لكاتب السيئات، ووعد المحسن أن يؤتى كتابه بيمينه، والمسيء أن يؤتاه بشماله؛ استعيرت للخير وجانبه، فقيل: أتاه عن اليمين، أي: من قبل الخير وناحيته، فصدّه عنه وأضله.

وقيل: كان الرؤساء قد حلفوا للأتباع أن ما يدعونهم إليه هو الحق فوثقوا بأيمانهم.

والمعنى: كنتم تأتوننا من ناحية اليمين أنكم على الحق.

فإن قيل: ما العامل في " إذا " في قوله تعالى: { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ }؟

قلتُ: " يستكبرون " ، تقديره: إنهم كانوا يستكبرون إذا قيل لهم: لا إله إلا الله.

فإن قيل: ما منعك أن تجعل " إذا " خبراً لـ " كان "؟

قلتُ: لأنها ظرف زمان، والواو في " كانوا " يراد به الجثث، وظروف الزمان لا تكون إخباراً عن الجثث.

وما لم أذكره ظاهر أو مفسر، إلى قوله تعالى: { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } وهو استثناء منقطع.

{ أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } قال قتادة: الرزق المعلوم: الجنة.

ويفسد هذا القول بقوله تعالى: { فِي جَنَّاتِ }.

وقال غيره: هو ما ذكره في قوله تعالى: { فَوَاكِهُ } ، فيكون " فواكه " عطف بيان.

وقال بعض أهل العلم بالمعاني: فسر الرزق المعلوم بالفواكه، وهو كل ما يتلذذ به ولا [يتقوت] لحفظ الصحة، يعني: أن رزقهم كله فواكه، لأنهم مستغنون عن حفظ الصحة بالأقوات، لأنهم أجسام محكمة مخلوقة للأبد، فكل ما يأكلونه يأكلونه على سبيل التلذذ.

ويجوز أن يراد: رزق معلوم منعوت بخصائص خُلق عليها؛ من طيب طعم، ورائحة، ولذة، وحسن منظر.

{ عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } لا يرى بعضهم أقفاء بعض، وذلك من تمام ما يكون به الإكرام.

قوله تعالى: { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } يقال للزجاجة فيها الخمر: كأس، وتسمى الخمر نفسها [كأساً]، قال:

السابقالتالي
2