الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } * { وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ } * { قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ } * { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } * { سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } * { كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ }

{ فَلَمَّا أَسْلَمَا } أي: استسلما لأمر الله تعالى وانقادا له.

وقرأ علي وابن مسعود وابن عباس وجعفر بن محمد والأعمش والثوري: " سلّما ".

يقال: أسْلَمَ وسَلَّمَ واسْتَسْلَمَ بمعنى واحد.

قال قتادة: أسلم هذا ابنه وهذا نفسه.

{ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } صرعه على شقه، فوضع أحد جنبيه على الأرض، وللوجه جبينان، والجبهة بينهما.

قال الحسن: كان ذلك في الموضع المشرف على مسجد منى.

وقال الضحاك: في المنحر الذي ينحر فيه اليوم.

{ وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ } حيث فعلت ما أمكنك فعله.

ويروى: أنه رأى في النوم معالجة الذبح ولم يراد إراقة الدم، ففعل في اليقظة ما رأى في النوم. وهذا تمام الكلام.

وجواب " لَمَّا " محذوف، تقديره: لما أسلما كان مما لا يحيط به الوصف من سعادتهما واصطفائهما.

وقيل: الجواب: " وناديناه " ، والواو زائدة.

وقوله تعالى: { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } إخبارٌ من الله تعالى، وليس من تمام ما نودي به إبراهيم.

قال مقاتل: جزاه الله تعالى بإحسانه في طاعته العفو عن ذبح ابنه.

{ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ } الاختبار [الظاهر] الصعوبة أو المبين للمخلص من غيره.

وقال: البلاء هاهنا: النعمة، وهو أن فُدي ابنه بالكبش، وهو قوله تعالى: { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } فعلى قوله: يكون " هذا " إشارة إلى الفداء.

والذَّبْح: اسم لما يُذْبَح.

واختلفوا في الكبش؛ فقال ابن عباس: هو الكبش الذي قرّبه هابيل فقُبل منه، وكان يرعى في الجنة حتى فُدي به إسماعيل.

وقال الحسن: [أنه فدي] بوعْل أُهبط عليه من ثبير.

فإن قيل: لم وُصف بالعظيم؟

قلتُ: لأنه وقع فداء عن ذبح الله من خليل الله فصار عظيماً لذلك، أو [لأنه] تقبل ورعى في الجنة أربعين خريفاً.

وقيل: كان عظيم الجثّة.

فصل

اختلف علماء الأمة في الذبيح على قولين:

أحدهما: أنه إسحاق. وهو قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن مسعود، والعباس بن عبد المطلب، وكعب الأحبار، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومسروق، وعكرمة، وعطاء، ومقاتل، والزهري، والسدي، في آخرين.

والقول الثاني: أنه إسماعيل. وهو قول ابن عباس، وعبدالله بن عمر، وأبي الطفيل عامر بن واثلة، وسعيد بن المسيب، والشعبي، والحسن البصري، ومجاهد، والربيع، والقرظي، والكلبي، في آخرين.

وعن الإمام أحمد روايتان كالقولين، وإلى القول الأول ميل أصحاب الإمام أحمد، وله ينصرون.

والحجة للقول الثاني في القرآن: ما استنبطه محمد بن كعب القرظي، وذلك أن الله تعالى قال حين فرغ من قصة المذبوح: { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } ، وقال عز من قائل:فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } [هود: 71] يقول: [بابن] وابن ابن، فلم يكن يأمره بإسحاق ليذبحه وله فيه من الله تعالى الموعد.

السابقالتالي
2 3 4