الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } * { ٱصْلَوْهَا ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } * { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ }

ثم يقال لهم توبيخاً وتقريعاً ومبالغة في إعلامهم: { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ }.

قوله تعالى: { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ } وذلك عند إنكارهم الشرك [وتكذيبهم] الرسل صلوات الله عليهم أجمعين، وقولهم:وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23].

{ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ } أخرج الإمام أحمد من حديث [حكيم بن] معاوية بن حيدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تجيؤون يوم القيامة على أفواهكم الفِدام، وإن أول ما يتكلم من الآدمي فخذه وكفه ".

وفي حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقال لأعضائه: انطقي، فتنطق بعمله، ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول: بُعْداً لكُنّ وسُحْقاً وفيكن كنت أناضل ".

فإن قيل: لم سمي ما صدر من اليد كلاماً ومن الرجل شهادة؟

قلتُ: لأن اليد مباشرة والرِّجل حاضرة، وقول الإنسان على نفسه إقرار وعلى غيره شهادة.

قوله تعالى: { وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ } أي: لو نشاء لأذهبنا أعينهم وعفنا أثرها.

{ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ } أي: استبقوا إلى الصراط، أو يقال: ساغ ذلك؛ لتضمن " استبقوا " [ابتدروا].

قال قتادة: المعنى: لو نشاء لأعمينا أبصار الكفار فضلُّوا عن الطريق فلا يبصرون عقوبة لهم.

وقال ابن عباس ومقاتل: المعنى: لو نشاء لفقأنا أعين ضلالتهم وأعميناهم عن غيهم، وحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى فاهتدوا وأبصروا رشدهم.

{ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } ولم يفعل بهم ذلك.

{ وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ } والمكانة والمكان واحد.

وقرأ أبو بكر: " مكاناتهم " على الجمع.

قال ابن عباس: لمسخناهم قردة وخنازير. وقيل: حجارة.

وقال قتادة: لأقعدناهم على أرجلهم وأزمنّاهم.

{ فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً } وقرئ: " مِضِياً " ، مثل: الغُنى والغِنى.

{ وَلاَ يَرْجِعُونَ } إلى ما كانوا عليه.

وقال أبو صالح: ما استطاعوا مضياً في الدنيا ولا رجوعاً فيها.