الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } * { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } * { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ }

قوله تعالى: { فِي شُغُلٍ } قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بضم الغين، والباقون بإسكانها، وهما لغتان.

وقرأ أبو جعفر: " فَكِهُون " بغير ألف.

والمراد بالشُّغُل: افتضاض الأبكار؛ في قول ابن مسعود، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة، وعامة المفسرين.

وقال ابن عباس: في افتضاض الأبكار وضَرْب الأوتار.

وقال إسماعيل بن أبي خالد: في شغل مما يَلْقَى أهل النار.

والفَاكِه والفَكِه: المتنعِّم المتلذِّذ، ومنه: الفاكهة؛ لأنه يتلذّذ بها، ومنه: الفكاهة؛ وهي المزاحة.

وقال الزجاج: " فاكِهُون وفَكِهُون " بمعنى: فرحون.

قال الفراء: الفاكِه والفَكِه بمعنًى، كالحاذر والحذر.

وقال أبو عبيدة: الفَكِه: الذي يتفكَّه بالطعام، والفَاكِه: ذو الفاكهة.

{ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ } جمع ظُلَّة؛ كعُلْبَة وعِلاَب، وبُرْمَة وبِرَام.

وقرأ حمزة والكسائي: " ظُلَلٍ " بضم الظاء من غير ألف، جمع ظُلَّة.

قال مقاتل: في أكنان القصور.

وقد سبق ذكر الأرائك في الكهف.

فصل

في قوله تعالى: { هُمْ }: مبتدأ، { وَأَزْوَاجُهُمْ }: معطوف عليه، { فَاكِهُونَ }: خبره وهو مقدم عليه، و { فِي ظِلاَلٍ } من صلة " فاكهين " ، و { مُتَّكِئُونَ } خبر آخر.

وقيل: الخبر: " متكئون " ، فيكون الوقف على قوله تعالى: { فَاكِهُونَ }.

وعلى الأول يجوز أن يكون خبر إنّ من قوله تعالى: { إن أصحاب الجنة } الظرف الذي هو في " شُغُل " ، والتقدير: إن أصحاب الجنة بايتون في شُغُل اليوم، ثم يبتدئ: { فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ } أي: هم [وأزواجهم] فاكهون في ظلال متكئون على الأرائك.

وعلى الثاني خبر إن: " فاكهون " ، أي: فاكهون في شغل متكئون، من صلة " فاكهين ".

قوله تعالى: { وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } أي: ما يتمنون ويشتهون.

قال الزجاج: هو مأخوذ من الدعاء. والمعنى: كل ما يدعونه أهل الجنة يأتيهم.

{ سَلاَمٌ } بدل من " ما ". المعنى: لهم ما يتمنونه سلام، أي: هذا مُنى أهل الجنة أن يُسلّم الله تعالى عليهم.

و { قَوْلاً } مصدر مؤكد لما قبله.

أخبرنا المؤيد بن محمد الطوسي في كتابه، أخبرنا عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري، أخبرنا علي بن أحمد الواحدي، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم، أخبرنا عبد الخالق بن علي، حدثني أحمد بن محمد بن موسى [اللخمي]، حدثنا الحسن بن أبي علي الزعفراني، حدثنا ابن أبي الشوارب، حدثنا أبو عاصم، حدثنا الفضل الرقاشي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم، فإذا الرب عز وجل قد أشرف عليهم من فوقهم فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، فذلك قول الله عز وجل: { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } ، فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم، فيبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم ".

وقال ابن عباس: يرسل الله تعالى إليهم بالسلام.