الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ } * { قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ } * { قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ } * { وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { قَالُوۤاْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } * { وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } * { وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ } * { إِنِّيۤ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ }

قوله تعالى: { وَٱضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ ٱلقَرْيَةِ } ، قال الزجاج: " مَثَلاً " مفعول به، ومعنى قول الناس: عندي من هذا الضَّرْب شيء كثير، أي: من هذا المثال، وتقول: هذه الأشياء على ضَرْب واحد، أي: على مثال واحد، فمعنى اضْرِبْ لهم مثلاً: مَثِّل لهم مَثَلاً.

والقرية: أنطاكية، وأصحابها: أهلها الثَّاوونَ بها.

و " إذ " بدل من " أصحاب القرية ".

و " المرسلون " رُسُل عيسى عليه السلام، في قول قتادة وابن جريج.

وقال كعب ووهب: هم رسل الله تعالى، وهو ظاهر القرآن، وهو قوله تعالى: { إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ }.

قال ابن عباس: اسمهما: صادق وصدوق.

وقيل: شمعون ويوحنا.

قال ابن عباس: فضربوهما وسحبوهما.

{ فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } وقرأ أبو بكر عن عاصم: " فَعَزَزْنا " بالتخفيف، أي: فقوَّيْنا [وشددنا] الرسالة برسول ثالث.

قال ابن عباس: واسمه: [شلوم].

وقال غيره: يونس.

وقيل: شمعون الصفا.

وكان ملك أنطاكية أحد الفراعنة، وكان يعبد الأصنام، فبعث عيسى صلى الله عليه وسلم إليهم بإذن الله عز وجل رجلين من الحواريين، فلما قربا من المدينة رأيا شيخاً يرعى غنماً له، وهو حبيب بن إسرائيل النجار صاحب يس، فسلَّمَا عليه، فقال الشيخ لهما: من أنتما؟ فقالا: رسولا عيسى يدعوكم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن، فقال: معكما آية؟ فقالا: نعم، نشفي المرضى ونبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، فقال الشيخ: إن لي ابناً مريضاً منذ سنين، قالا: فانطلق بنا إلى منزلك نطلع حاله، فأتى بهما إلى منزله، فمسحا ابنه فقام في الوقت صحيحاً بإذن الله تعالى، وفشى خبرهما في المدينة، فشفى الله تعالى بهما خلقاً كثيراً من المرضى، وآمن حبيب وجعل يعبد ربه متخفياً في غار، فدعا بهما الملك وسمع كلامهما، وأفضى الحال إلى أن ضُربا وحُبسا وكُذِّبا، فبعث عيسى عليه السلام رأس الحواريين شمعون الصفا لينصرهما، فدخل البلدة متلطفاً حتى دخل على الملك، فلما أنس به قال له: أيها الملك! بلغني أنك حبست رجلين وضربتهما حين دعوك إلى دينهما، فإن رأى الملك أن يتطلع ما عندهما، فدعاهما الملك، فقال لهما شمعون -يقصد استرواح الملك بألطف الطرق -: من أرسلكما؟ قالا: الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك، فقال: صِفَاهُ لي وأوجزا. قالا: إنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فقال: وما آيتكما؟ فقالا: ما يتمنّاه، فأمر الملك بغلام مطموس العينين فأحضر، فما زالا يدعوان ربهما حتى انشق موضع البصر، فأخذا بندقتين من الطين فوضعاها في حدقتيه، فصارتا مُقلتين يُبصر فيهما، فعجب الملك، فقال شمعون - رأس الحواريين - للملك: سَلْ إلهك أن يصنع مثل هذا فيكون لك البشرى والملك، فقال له الملك: ليس لي عندك سراً، إن إلهنا لا يبصر ولا يسمع، ولا يضر ولا ينفع، وكان شمعون يدخل على الصنم مع الملك فيصلي كثيراً ويبكي ويتضرع، حتى ظنوا أنه على ملّتهم، فقال الملك للرسولين: إن قدر إلهكما على إحياء ميت آمنا به، فقالا: إن إلهنا قادر على كل شيء، فقال الملك: إن هاهنا ميتاً مات منذ سبعة أيام ابن دُهْقَان، وقد أخَّرْتُ دفنه حتى يقدم أبوه، وكان غائباً، فجاؤوا بالميت وقد تغير، فجعلا يدعوان ربهما، وجعل شمعون يدعو ربه سراً، فقام الميت فقال: اللهم إني قد متّ منذ سبعة أيام، فوجدت مشركاً، وأدخلت في سبعة أودية من نار، وأنا أُحذِّرُكم مما أنتم فيه فآمنوا، ثم قال: فتحت أبواب السماء فرأيت شاباً حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة، وأشار إلى شمعون وصاحبيه، فتعجب الملك، فلما علم شمعون الصفا أن [قوله] قد أثَّر في قلب الملك أخبره بالحال، فآمن قوم فيهم الملك وكَفَرَ آخرون.

السابقالتالي
2 3