الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ } * { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } * { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } * { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ }

{ فِيۤ أَعْناقِهِمْ }.. وإنما حصل تصميمهم على.. نسيانهم عن الإنفاق من.. { فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ }..

والإنفاق عليها. قاله الفراء والزجاج.

قال.. يؤيد والله أعلم أن الأيدي غلت إلى الأعناق.. لوجود الأذقان.. الزمخشري أن يكون، فهي كناية عن الأيدي محتجاً.. ابن عباس: " إنا جعلنا في أيديهم ".

وقراءة ابن مسعود: " في أيمانهم " وقال: فهي يعني الأغلال والله إلى الأذقان.. إليها.. مقمحون.

قال الفراء والزجاج: المُقْمَح: الغاضّ بصره بعد رفع رأسه. يقال: أقْمَحَ البعير رأسه وقَمَحَ؛ إذا رفعه ولم يشرب الماء، وأنشدوا لشاعر يذكر سفينة كانوا فيها:
ونحنُ على جوانبها قُعودٌ     نغُضُّ الطَّرْف كالإبل القِمَاح
قال الأزهري: أراد الله تعالى أن أيديهم لما غُلَّتْ عند أعناقهم رَفَعَتِ الأغلالُ أذقانهم ورؤوسهم صُعُداً، فهم مرفوعوا الرؤوس برفع الأغلال إياها.

قوله تعالى: { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً } قرأ حمزة والكسائي وحفص: " سَدّاً " بفتح السين في الحرفين، وضمَّها الباقون. وقد أشرنا إلى الفرق بينهما في الكهف.

وفي معنى الكلام وجهان:

أحدهما: منعناهم بموانع سَدَّتْ عليهم مسالك الهدى.

الثاني: سددنا عليهم طريق الوصول إلى الرسول حين مكروا به وأجمعوا على قتله صلى الله عليه وسلم. وهذا معنى قول السدي.

{ فَأغْشَيْنَاهُمْ } أي: أغشينا بصائرهم بالأكنّة الصادرة لها من النظر إلى الهدى. وهذا على الوجه الأول.

وقال السدي: فأغشينا أبصارهم بظلمة الليل فهم لا يبصرون النبي صلى الله عليه وسلم.

يشير إلى أنهم أرادوا اغتياله ليلاً فحالت الظلمة بينهم وبينه.

وقرأ ابن عباس وعكرمة وقتادة والحسن وسعيد بن جبير: " فأعشيناهم " بالعين المهملة، من عَشِيَ يَعْشَى؛ إذا ضَعُفَ بصرُه.

والآية.. هذه إخبار بأن الإنذار وعدمه سيان بالنسبة إليهم حيث أغشيت أبصارهم وشدت عليهم.. الإيمان.

وقد ثبت بطرق صحيحة: أن عمر بن عبد العزيز دعا غيلان القدري فقال: يا غيلان! بلغني أنك تتكلم في القدر؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنهم يكذبون عليّ، فقال: يا غيلان، اقرأ أول سورة يس، فقرأ:يسۤ * وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ } [يس: 1-2] إلى قوله تعالى: { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } فقال غيلان: والله يا أمير المؤمنين لكأني ما قرأتها قط قبل اليوم، أشهدك يا أمير المؤمنين أني تائب مما كنت أقول في القدر، فقال عمر بن عبد العزيز: اللهم إن كان صادقاً فتُب عليه وثبِّتْه، وإن كان كاذباً [فسلّط عليه من] لا يرحمه واجعله آية [للمؤمنين. قال: فأخذه] هشام فقطع يديه ورجليه.

قال ابن عون: أنا رأيته مصلوباً على باب دمشق.

فإن قيل:.. الزهري وابن محيصن: أنذرتهم.. ينبغي أن.

السابقالتالي
2