الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } * { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }

قوله تعالى: { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ } قال ابن عباس: نزلت في أبي جهل ومشركي مكة.

وقال سعيد بن جبير: نزلت في أصحاب الأهواء والملل التي خالفت الهدى.

والمعنى: أفمن زين سوء عمله ففارق النهي ووافق الهوى وأطلق عنان نفسه في ميادين شهواتها، حتى رأى القبيح حسناً، والحسن قبيحاً، كما قال أبو نواس لأبي العتاهية حين وعظه وزجره عما كان مساكناً له من اللذات التي استهوته وسلبته لباس التقوى:
أتُراني يا عَتَاهِي    تاركاً تلكَ الملاهِي
أتراني مُفْسِداً بالنُّسْك    عندَ القومِ جاهِي
كمن لم يزين، أو كمن هداه الله لقوله.

قال الله تعالى: { يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ }.

وقرأتُ لأبي جعفر: " فلا تُذْهِبْ " بضم التاء وكسر الهاء، و " نَفْسَكَ " بالنصب.

قال الزمخشري: " حسرات ": مفعول له، معناه: فلا تهلك نفسك للحسرات.

و " عليهم " صلة " تَذْهَب " ، كما تقول: هَلَكَ عليه حُبّاً، وماتَ عليه حُزْناً. [أو هو] بيان للمتحسّر عليه. ولا يجوز أن يتعلق بـ " حسرات " ، لأن المصدر لا يتقدم عليه صلته.