الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } * { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }

قوله تعالى: { فَيَمُوتُواْ } جواب النفي، ونصبه بإضمار " أَنْ ".

وقرىء: " فيموتون " عطف على " يُقْضَى " ، وإدخالاً له في حكم النفي.

قوله تعالى: { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا } يَفتعلون من الصراخ، وهو الاستغاثة بجهدٍ وشدة.

{ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ } قال عطاء وقتادة ووهب: يريد: ثماني عشرة سنة.

وقال الحسن: أربعين سنة.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن حسن الكندي وغيره قالوا: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي، أخبرنا أبو محمد بن علي المقرئ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، حدثنا أحمد بن جعفر المنادي، حدثنا حامد بن محمد، حدثنا سريج بن يونس، حدثنا علي بن ثابت، عن عمرو بن شهر، عن أبي سنان، عن عمرو بن مرة، عن شهر، عن عبادة بن الصامت قال: " جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله عز وجل أمر الحافظين فقال لهما: ارفقا بعبدي في حداثته، حتى إذا بلغ الأربعين [فاحفظا] وحققا ".

وأخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد عن مسروق قال: " إذا بلغ أحدكم أربعين سنة فليأخذ حذره من الله ".

وقال عمر بن عبد العزيز: لقد تمت حجة الله على من بلغ أربعين سنة فمات لها.

وقال ابن عباس في رواية مجاهد: ستين سنة، قال: وهو العمر الذي أعذر الله إلى ابن آدم.

أخبرنا الشيخان أبو القاسم [بن] عبدالله بن عبدالصمد، وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن عبدالله البغداديان قالا: أخبرنا عبدالأول، أخبرنا عبدالرحمن، أخبرنا عبدالله، أخبرنا محمد، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا عبدالسلام بن مطهر قال: حدثنا [عمر بن علي]، عن [معن] بن محمد الغفاري، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أعذر الله إلى من أخر أجله حتى بلغه ستين سنة " انفرد بإخراجه البخاري.

وقال وهب بن منبه: قرأتُ في بعض الكتب: أن منادياً ينادي من السماء الرابعة كل صباح: يا أبناء الأربعين زرع قد دنا حصاده، أبناء الخمسين ما قدّمتم وماذا أخّرتم، أبناء الستين لا عذر لكم، ليت الخلق لم يخلقوا، وإذ خلقوا علموا لماذا خلقوا، قد أتتكم الساعة فخذوا حذركم.

قوله تعالى: { وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ } قال جمهور المفسرين: هو النبي صلى الله عليه وسلم. ويؤيده قراءة من قرأ: " جاءتكم النُّذُر ".

وقيل: الحمى. وقيل: موت الأهل والأقارب.

وفي حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الأمراض والأوجاع كلها بريد ملك الموت ورسل الموت، فإذا جاء الأجل أتى ملك الموت بنفسه فقال: يا أيها العبد! كم خبر بعد خبر، وكم رسول بعد رسول، وكم بريد بعد بريد، أنا الخبر ليس بعدي خبر، وأنا الرسول ليس بعدي رسول، أجب ربك طائعاً أو مكرهاً، فإذا قبض روحه وتصارخوا عليه قال: على من يصرخون؟ وعلى من يبكون؟ فوالله ما ظلمتُ له أجلاً، ولا أكلتُ له رزقاً، بل دعاهُ ربّه، فليبْكِ الباكي على نفسه، فإن لي فيكم عودات وعودات حتى لا أبقي منكم أحداً ".


السابقالتالي
2