قوله تعالى: { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ } يعني: العذب والملح. ثم ذكرهما منبهاً على المعنى الذي بسببه وقع التفاوت بينهما، فقال تعالى: { هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ... } الآية وقد سبق تفسيرها وتفسير ما بعدها إلى قوله تعالى: { وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ } وهذا على سبيل الفرض والتقدير. وحاصل ذلك: ما ذكره المفسرون فيه أن المعنى: ولو سمعوا لم يكن عندهم إجابة. ولم يذكر أحد منهم مانع الإجابة ما هو، غير أن صاحب الكشاف قال: { مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ } لأنهم لا يدعون ما تدعون من الإلهية، ويتبرؤون منها. ويحتمل عندي أن يكون المعنى: ولو سمعوا بأن يخلق الله لها سمعاً ما استجابوا لكم؛ لتوقف حصول الإجابة على أسباب؛ منها: القدرة على النفع والدفع. أو يكون التقدير: ولو سمعوا دعاءكم ما أجابوكم، لانتفاء قدرتهم على الكلام، إذ لا يلزم من وجود [السمع] وجود النطق، ألا تراه يقول: { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ } أي: ويوم القيامة إذ أفهمهم وأنطقهم وركَّب فيهم الميز { يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ } ، أي: بإشراككم لهم وعبادتكم إياهم، وهو قولهم:{ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } [يونس: 28]. { وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } أي: لا يخبرك بالأمر مخبر هو مثل خبير عالم به. يشير إلى نفسه جلَّت عظمته، وأن ما أخبرهم به من حال الأصنام هو الحق.