الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } * { لِّيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ سَعَوْا فِيۤ آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } * { وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلْحَقَّ وَيَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ }

قوله تعالى: { قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ } وقرئ شاذاً: " لَيَأْتِيَنَّكُمْ " بالياء.

قال ابن جني: جاز التذكير؛ لأن [المخوف] منها إنما هو عقابها، وعليه قولهم: ذهبَتْ بعض أصابعه؛ لأن بعض أصابعه إصبع في المعنى.

وحكى الأصمعي عن أبي عمرو قال: سمعت رجلاً من اليمن يقول: فلانٌ لَغُوبٌ، جَاءَتْهُ كتابي فاحتقرها، فقلت له: أتقول: جاءته كتابي؟ فقال: نعم، أليس [بصحيفة]. وهذا من أعرابيّ جافٍ هو الذي نبّه أصحابنا على انتزاع [العلل]، وكذلك ما يجري مجراه، فاعرفه.

قوله تعالى: { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ } قرأ نافع وابن عامر: " عالمُ " بالرفع على معنى: هو عالم، أو على الابتداء، والخبر: { لاَ يَعْزُبُ }. وقرأ الباقون بالجر، نعتاً للرب الله، إلا أن حمزة والكسائي قرءا: [عَلاّم] بالتشديد، على وزن [فعّال].

وقرأ ابن السميفع والأعمش: " ولا أصغرَ " " ولا أكبرَ " بالفتح، على نفي الجنس؛ كقولك: لا حول ولا قوة إلا بالله.

قوله تعالى: { لِّيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } اللام متعلقة بقوله تعالى: { لَتَأْتِيَنَّكُمْ }.

وقال ابن جرير: المعنى: أثبت مثقال الذرة وأصغر منه ليجزي.

قوله تعالى: { مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } قرأ ابن كثير وحفص: " أليمٌ " بالرفع، هاهنا وفي الجاثية. وقرأ الباقون بالجر.

قال أبو علي: من قرأ بالجر جعله صفة للرجز، ومن قرأ بالرفع جعله صفة للعذاب، أي: لهم عذاب أليم من رجز، والجر في " أليم " أبين؛ لأن الرجز العذاب.

فالمعنى: لهم عذاب من عذاب أليم، فإذا وصف العذاب الثاني بأليم، كان العذاب الأول أليماً، وإذا أجريت الأليم على العذاب الأول كان المعنى: لهم عذاب أليم من عذاب، فالأول أكثر فائدة.

قوله تعالى: { وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، في قول قتادة.

[ومؤمنوا] أهل الكتاب؛ كعبد الله بن سلام وأصحابه، في قول مجاهد.

قال الزجاج وغيره: موضع " يرى " نصب عُطِفَ على قوله: " ليجزي " ، و " الحق " مفعول ثان لـ " يرى " ، وهو هاهنا فَصْل، ويسميه الكوفيون: العِمَاد.

فإن قيل: ما فائدة الفَصْل؟

قلت: شيئان:

أحدهما: التفصلة بين الخبر والصفة.

والثاني: التأكيد، في نحو قولك: زيد هو المنطلق، أي: لا منطلق إلا هو.

ويجوز أن يكون قوله: { وَيَرَى } كلاماً مستأنفاً خارجاً مخرج الثناء على الذين أوتوا العلم، والذم لمن لم يكن على مثل ما هم عليه من العلم والإيمان.

{ وَيَهْدِيۤ } يعني: القرآن { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } وهو دين الإسلام.