الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } * { وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } * { وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ مِن قَـبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } * { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ }

{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ } أي: لو ترى إذ فزعوا يا محمد.

قال مجاهد: يوم القيامة.

وقال قتادة: حين يرون بأس الله في الدنيا.

قال السدي: هو فزعهم يوم بدر حين ضربت أعناقهم، فلم يستطيعوا فراراً من العذاب ولا رجوعاً إلى التوبة.

وقال الحسن: هو فزعهم في القبور من الصيحة.

" فلا فَوْتَ ": قال ابن عباس: فلا نجاة.

وقال مجاهد: فلا مَهْرَب.

{ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } وهو من الموقف إلى النار، أو من القبور إلى الموقف، أو من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا.

وروي عن ابن عباس قال: نزلت في خسف البيداء، وذلك أن ثمانين ألفاً يغزون الكعبة ليخربوها، فإذا دخلوا البيداء خسف بهم.

فعلى هذا يكون المعنى: وأخذوا من مكان قريب، أي: من تحت أقدامهم.

وعن ربعي بن حراش قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب: " فبينا هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فورة ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين، جيشاً إلى المشرق وجيشاً إلى المدينة، حتى ينزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف، [ويفتضون] بها أكثر من مائة امرأة، ويقتلون بها أكثر من ثلاثمائة كبش من بني العباس، ثم ينحدرون إلى الكوفة [فيخربون] ما حولها، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام، فتخرج راية هدى من الكوفة، [فتلحق] ذلك الجيش منها على ليلتين فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم، ويحل جيشه الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام ولياليها، ثم يخرجون متوجهين إلى مكة، حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله تعالى جبريل فيقول: يا جبريل! اذهب فأبدْهُم، فيضربها برجله ضربة فيخسف الله تعالى بهم، فذلك قوله تعالى في سورة سبأ: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } ، فلا [ينفلت] منهم إلا رجلان، أحدهما بشير والآخر نذير، وهما من جهينة ".

وجواب: " ولو ترى " محذوف، تقديره: لرأيت أمراً عظيماً.

قوله تعالى: { وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ } قال مجاهد: بالله.

وقال الحسن: بالبعث.

وقال قتادة: بالرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد سبق ذكره في قوله تعالى:مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ } [سبأ: 46]، وهذا يكون منهم في الآخرة، أو عند معاينة نزول بأس الله تعالى بهم.

{ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ } قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي: " التناؤُشُ " بالمد والهمز، وقرأ الباقون بغير همز.

قال صاحب كشف المشكلات: الأصل الهمزة، من قوله:
تمنَّى نئيشاً أن يكونَ أطاعني    وقدْ حدثتْ بعدَ الأمور أُمور
فنصب " نئيشاً " على الظرف، أي: تمنى مدة مديدة؛ لأن النئيش: التأخير.

السابقالتالي
2