الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ }

{ وَلَقَدْ صَدَّقَ } وقرأ أهل الكوفة: " صدّق " بتشديد الدال.

قال أبو علي: من قرأ بالتخفيف فمعناه: أنه صَدَقَ ظَنُّهُ الذي ظَنَّهُ بهم من متابعتهم إياه إذا أغواهم، وذلك نحو قوله:قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } [الأعراف: 16]،وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [الحجر: 39] فهذا ظنُّه الذي [صدَّقوه]؛ لأنه لم يقل ذلك على تيقن وإنما ظن ظناً، فكان كما ظن، فـ«ظنّه» على هذا ينتصب انتصاب المفعول به، ويجوز أن ينتصب انتصاب الظرف، أي: صَدَقَ عليهم إبليس في ظنه، ولا يكون على هذا متعدياً [بـ " صَدَق " ] إلى مفعول به، وقد يقال: أصابَ الظنُّ، وأخطأ الظن. ومن قال: " صَدَّقَ " بالتشديد، فإنه ينصب الظن على أنه مفعول به، وعَدَّى " صَدَّقَ " إليه. قال الشاعر:
فإن لم أُصَدِّقْ ظنّكم بتيقُّن   فلا سَقَتِ الأوصَالَ مِنِّي الرَّواعِد
وقال غيره في قراءة من خفَّف: هو متعد؛ كقولك: صدقت فلاناً في الحديث.

قال الأعشى:
فَصَدَقْتُهُ وكذبْتُه     والمرءُ ينفعُهُ كِذَابُه
وقال الزجاج: من خفَّف نصب الظن مصدراً، على معنى: صَدَقَ عليهم [ظناً] ظنه، وصدق في ظنه.

وقرأ الزهري: " صَدَقَ " مخففة، " إبليسَ " نصب، " ظَنُّهُ " رفع.

قال أبو الفتح ابن جني: معناه: أن إبليس سَوَّلَ له ظنه شيئاً [فيهم] [فصدقه] ظَنُّه.

والضمير في " عليهم " وفي " فاتبعوه ": لأهل سبأ، أو لبني آدم.

{ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [قال] ابن عباس: يعني: المؤمنين كلهم، وهم الذين قال الله:إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [الحجر: 42].

{ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ } أي: من تسلط واستيلاء بالوسوسة [والاستغواء]، { إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ } مفسّرٌ في أول العنكبوت.

وقرأ الزهري: " ليُعْلَمَ " بياء مضمومة؛ على البناء للمفعول.