الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } * { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } * { لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً }

قوله تعالى: { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } قال ابن عباس: إذا دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء، كانت طاعة النبي صلى الله عليه وسلم أولى بهم من طاعة أنفسهم.

وقال مقاتل بن حيان: أولى بهم من بعضهم ببعض.

وقال عكرمة: كان في الحرف الأول: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أبوهم ".

وفي قراءة مجاهد: " وهو أبٌ لهم ".

وحكى النقاش: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الناس في غزوة تبوك، فقال ناس: نستأذن آباءنا وأمهاتنا، فنزلت هذه الآية.

قرأتُ على قاضي القضاة أبي صالح نصر بن عبدالرزاق بن عبد القادر الجيلي الحنبلي، أخبرتكم شهدة بنت أحمد بن الفرج الكاتبة فأقرّ به، قالت: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبدالسلام بن أحمد الأنصاري، أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي البرقاني قال: سمعت أبا القاسم عبدالله بن إبراهيم بن يوسف الجرجاني الأبندوني يقول: أخبرني محمد بن سعيد بن هلال الرسعني، حدثنا المعافى بن سليمان، حدثنا فليح، عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مؤمن إلا وأنا [أولى] الناس به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم: { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } فأيما مؤمن ترك مالاً فلورثته عصبته من كانوا، فإن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني فأنا مولاه " هذا حديث اتفق الشيخان على إخراجه في صحيحيهما، فرواه البخاري عن إبراهيم بن المنذر، عن محمد بن فليح، عن أبيه، وعن عبدالله بن محمد، عن أبي [تميلة]، عن فليح.

قوله تعالى: { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } في تحريمهن ووجوب تعظيمهنّ وإكرامهنّ وهنّ أجانب فيما عدا تحريم النكاح في سائر الأحكام.

وإلى هذا المعنى أشارت عائشة رضي الله عنها في قولها لامرأة قالت لها: يا أمه: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم.

وإلى هذا المعنى ذهب عامة أهل العلم.

وقد حكى الماوردي في ثبوت المحرمية وإباحة النظر إليهن وجهاً لهم. وهو بعيدٌ من الصواب؛ لأن تحريم نكاحهن كان إجلالاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظاً له، فتبقى سائر الأحكام مقتضى الدليل الأصلي، وغير خافٍ على من له أنسة بعلم النقل ما كان عليه أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من التستر والاحتجاب بعد نزول الحجاب.

وكانت عائشة بعد الحجاب إذا أرادت دخول رجل عليها، أمرت أختها أسماء أو غيرها ممن تنتشر حرمة الرضاع بينها وبينه برضاعه منها فترضعه استدلالاً بحديث امرأة أبي حذيفة في إرضاعها سالماً مولاه وهو رجل، وأبى ذلك - أعني: القول بانتشار حرمة مثل هذا الرضاع - سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مذهب الأئمة الأربعة وعامة الفقهاء.

السابقالتالي
2