الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً } * { مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً } * { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً }

قوله تعالى: { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ } يرخينها عليهن، ويغطين بها وجوههن وأعطافهن. و " مِنْ " للتبعيض.

قال ابن قتيبة: قل لهن يلبَسْنَ الأرْدئة.

وقال غيره: يغطين رؤوسهن ووجوههن.

قال ابن مسعود والحسن: الجلباب: الرداء.

وقال سعيد بن جبير: القناع.

وقال قطرب: هو [كل] ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها.

وقال الزمخشري: هو ثوب واسع أوسع من الخمار ودون الرداء، تلويه المرأة على رأسها ويبقى ما ترسله على صدرها.

وقيل: هو ما تستتر به من كساء أو غيره.

قال أبو زبيد:
.........................    مُجَلْبَبٌ منْ سوادِ الليل جِلْبَابا
{ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ } قال السدي: كانت المدينة ضيقة المنازل، وكانت النساء يخرجن بالليل لقضاء الحاجة، وكان فُسَّاق من فُسَّاق المدينة يخرجون، فإذا رأوا المرأة عليها قناع قالوا: هذه حُرَّة فتركوها، وإذا رأوها بغير قناع قالوا: هذه أَمَة فكابروها.

ثم الله تعالى توعد هؤلاء الفساق فقال تعالى: { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ } أي: عن نفاقهم، { وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } وهم أهل الفجر.

وقيل: هم قوم كان فيهم ضعف إيمان وقلة ثبات.

{ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ } قال قتادة: هم الذين يذكرون من الأخبار ما تضعف به قلوب المؤمنين وتقوى به قلوب المشركين.

{ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } أي: لنُحرِّشَنَّكَ ولنحملنك على مؤاخذتهم، { ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ } أي: في المدينة { إِلاَّ قَلِيلاً } أي: زماناً قليلاً، ثم يهلكون.

{ مَّلْعُونِينَ } نصب على الذم أو على الحال، أي: لا يجاورونك إلا ملعونين.

وقيل: إن " قليلاً " نصب على الحال أيضاً، على معنى: لا يجاورونك إلا أقلاء أذلاء ملعونين.

{ سُنَّةَ ٱللَّهِ } في موضع مصدر مؤكد، أي: سَنّ الله في الذين ينافقون الأنبياء أن يقتلوا حيث ما ثقفوا، أي: الحكم فيهم هذا على جهة الأمر.

قال قتادة: ذكر لنا أن المنافقين أرادوا أن يظهروا ما في قلوبهم من النفاق، فأوعدهم الله تعالى في هذه الآية فكتموه.