الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } قال ابن عباس: هم الذين طعنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اتخذ صفية بنت حيي.

وقال عكرمة: هم أصحاب [التصاوير].

وقال يحيى بن سلام: هم قوم من المنافقين كانوا يكذبون على النبي صلى الله عليه وسلم ويبهتونه.

وفي قوله تعالى: { يُؤْذُونَ ٱللَّهَ } ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه وصفه بما لا يليق بجلاله وما يجب تنزيهه عنه.

أخبرنا أبو علي بن عبدالله بن سعادة في كتابه أخبرنا أبو القاسم الشيباني، أخبرنا [أبو] علي بن المذهب، أخبرنا أبو بكر بن مالك، أخبرنا عبدالله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا عبدالرحمن، عن سفيان، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن أبي عبدالرحمن - هو السلمي -، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عز وجل، يدعون له ولداً ويعافيهم ويرزقهم " أخرجه البخاري عن مسدد، عن يحيى، عن سفيان. وأخرجه مسلم عن أبي بكر، عن أبي معاوية، كلاهما عن الأعمش.

الثاني: أن المعنى: يؤذون نبي الله، فجعل أذى نبيه أذى له؛ تشريفاً لمنزلته.

الثالث: أن المعنى: يؤذون أولياء الله. وأما أذى الرسول فهو ما ذكرناه في سبب النزول.

وقال الواحدي: هو أنهم كذبوا رسول الله وشَجُّوا وجهه وكسروا رباعيته، وقالوا: مجنون؛ شاعر، ساحر، كذاب.

{ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } قال المفسرون: لعنتهم في الدنيا: القتل والجلاء، وفي الآخرة: عذاب النار.

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } أي: بغير جناية توجب استحقاق الأذى.

قيل: إنها نزلت في الذين تكلموا في أهل الإفك، وهو قول الضحاك.

وقال ابن السائب: نزلت في الزناة، كانوا يمشون في الطريق فيرون المرأة فيغمزونها. وحكى مقاتل والنقاش: أنها نزلت في قوم كانوا يؤذون علي بن أبي طالب ويكذبون عليه.

ويروى: أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قرأ ليلة هذه الآية فأفزعته، فانطلق إلى أبيّ بن كعب فقال: يا أبا المنذر! إني قرأت آية من كتاب الله فوقعت مني كل موقع: { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } ، وإني لأعاقبهم وأضربهم، فقال: إنك لست منهم، إنما أنت مُؤدِّب، إنما أنت معلِّم.

وقال الفضيل: لا يحل لك أن تؤذي كلباً أو خنزيراً بغير حق، فكيف [تؤذي مسلماً]؟

وكان ابن عون لا يكري الحوانيت إلا من أهل الذمة؛ لما فيه من الروعة عند كراء الحول.

وقال الحسن وقتادة: إياكم وأذى المؤمن فإنه حبيب ربه، أحَبَّ الله تعالى فأحبه، وغضبَ لربه فغضب الله له، وإن الله يحوطه ويؤذي من آذاه.

وفي حديث الرؤيا: " رأيت رجالاً يعلقون بألسنتهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الذين يرمون المؤمنين [و] المؤمنات بغير ما اكتسبوا ".