الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ } ، وقرئ: " وملائكتُهُ " بالرفع، عطفاً على محل إن واسمها. وقد ذكر آنفاً معنى صلاة الله والملائكة عليه.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ } أخرجا في الصحيحين من حديث كعب بن عجرة قال: " قلنا: يا رسول الله! قد عرفنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد ".

ومعنى قولهم: " قد عرفنا السلام عليك ": ما يقال في التشهد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وهو معنى قوله: { وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }.

وقيل: المعنى: وسلِّمُوا لأمره تسليماً.

وحكى مقاتل قال: لما نزلت هذه الآية قال المسلمون: فما لنا يا رسول الله؟ فنزل:هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ... } [الأحزاب: 43] الآية.

أخرج الإمام أحمد من حديث عبدالرحمن بن عوف قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته حتى دخل نخلاً، فسجد فأطال السجود، حتى خفت أو خشيت أن يكون الله عز وجل قد توفاه أو قبضه. قال: فجئت أنظر فرفع رأسه فقال: ما لك يا عبدالرحمن؟ قال: فذكرت ذلك له. قال: فقال: إن جبريل عليه السلام قال لي: ألا أبشرك، إن الله عز وجل يقول لك: من صلّى عليك صلاة صليتُ عليه، ومن سلّم عليك سلّمتُ عليه ".

وفي حديث أنس بن مالك عن أبي طلحة قال: " دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره أشد استبشاراً منه يومئذ ولا أطيب نفساً، قلت: يا رسول الله! ما رأيتك قط أطيب نفساً ولا أشد استبشاراً منك اليوم؟ قال: وما يمنعني وقد خرج آنفاً جبريل من عندي قال: قال الله تعالى: من صلى عليك صلاة صليت بها عليه عشر صلوات، ومحوت عنه عشر سيئات، وكتبت له عشر حسنات ".

وفي مسند الإمام أحمد من حديث الحسين بن علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " البخيل من ذكرتُ عنده ثم لم يُصَلِّ عليّ ".

فصل

ذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة كلما ذُكر، وذهب بعضهم إلى وجوبها في كل مجلس مرة واحدة، وذهب بعضهم إلى وجوبها في العمر مرة واحدة.

وأما الصلاة عليه في الصلاة واجبة عند الإمام أحمد، ومنهم من يجعلها شرطاً لصحة الصلاة، ومنهم من يجعلها سنة.

واختلفوا في الصلاة على غيره؛ فسوغها قوم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم صل على آل أبي أوفى " ، وكرهها آخرون؛ لكونها شعاراً للنبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن يكون تبعاً؛ كقولك: اللهم صل على محمد وآل محمد وأصحابه.