الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً } * { إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ... } الآية أخرج البخاري في صحيحه من حديث أنس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم عروساً بزينب، فقالت لي أم سليم: لو أهدينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية، فقلت لها: افعلي، فعمدت إلى تمر وسمن وأقط فاتخذت حيسة في [بُرْمَة] فأرسلت بها معي، فانطلقت بها إليه فقال: ضعها، ثم أمرني فقال: ادع لي رجالاً سماهم، وقال: ادعُ لي من لقيت، قال: ففعلت الذي أمرني، فرجعت فإذا البيت غاصٌّ بأهله، ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده في تلك الحيسة وتكلم بما شاء، ثم جعل يدعو عشرة عشرة يأكلون منه ويقول لهم: اذكروا اسم الله، وليأكل كل رجل مما يليه، حتى تصدعوا كلهم [عنها]، فخرج [منهم] من خرج وبقي نفر يتحدثون. ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم نحو الحجرات وخرجت في إثره، فقلت: إنهم [قد ذهبوا]، فرجع فدخل البيت وأرخى الستر وإني لفي الحجرة وهو يقول: { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي -إلى قوله تعالى-: والله لا يستحيي من الحق } ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأهن على الناس " وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طرق.

وقال ابن عباس: كان ناس من المؤمنين يتحيّنون [طعام] النبي صلى الله عليه وسلم فيدخلون عليه قبل الطعام إلى أن يدرك، ثم يأكلون ولا يخرجون، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأذى بهم، فنزلت هذه الآية.

وفي الصحيحين من حديث عمر قال: " قلت: يا رسول الله! إن نساءك يدخل عليهن البَرّ والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب ".

وقالت عائشة: كان عمر يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " احجب نساءك فلا يفعل، فخرجت سودة ليلة، فقال عمر: قد عرفناك يا سودة، حرصاً على أن ينزل الحجاب، فنزل ".

قوله تعالى: { إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } في معنى الظرف، تقديره: وقت أن يؤذن لكم، و { غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ } حال [من] " لا تدخلوا " ، والاستثناء واقع على الوقت والحال معاً، تقديره: لا تدخلوا إلا وقت الإذن، ولا تدخلوها إلا غير ناظرين إناه، أي: نضجه وبلوغه. يقال: أنَى يَأْني إذا حان وأدرك.

{ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } معطوف على " ناظرين " ، فيكون مجروراً، أو هو منصوب، على معنى: ولا تدخلوها مستأنسين.

قوله تعالى: { فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ } لا بد فيه من تقدير المضاف، أي: فيستحيي من إخراجكم.

{ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ } أي: لا يترك ما يبيّن لكم أنه الحق.

قال بعض العلماء: هذا أدبٌ أدَّبَ الله به الثُقلاء.

السابقالتالي
2