قوله تعالى: { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } قرأ أبو عمرو: " لا تَحِلُّ " بالتاء، لتأنيث الجمع، والباقون بالياء؛ لأن تأنيث الجمع غير حقيقي، وإذا جاز بغير فصل كقوله تعالى:{ وَقَالَ نِسْوَةٌ } [يوسف: 30] كان مع الفصل أجوز من بعد، أي: من بعد التسع. قال الشعبي: لما خيرهن النبي صلى الله عليه وسلم فاخترن الله ورسوله شكر الله لهن ذلك فقصره عليهن، وأنزل هذه الآية. وهذا قول ابن عباس وقتادة والحسن. وقال أبي بن كعب: المعنى: لا تحل لك من بعد المذكورات في قوله:{ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ... } [الأحزاب: 50] الآية. وهو قول الضحاك أيضاً. وقال مجاهد: المعنى: لا تحل لك نساء اليهوديات والنصرانيات من بعد المسلمات. { وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } ينبني على الأقوال المذكورة، فعلى الأول يكون المعنى: ولا يحل لك أن تستبدل بزوجاتك سواهن. وعلى قول مجاهد يكون المعنى: ولا أن تبدل الكتابيات بالمسلمات، يقول: لا تكون أم المؤمنين يهودية ولا نصرانية. وقال أبو هريرة وابن زيد: كانت عادة الجاهلية التبادل بالأزواج، فيعطي أحدهم زوجته لرجل ويعطي الآخر زوجته بدلاً منها، فنهوا عن ذلك. قوله تعالى: { وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } في محل الحال من الفاعل المضمر في " تَبَدَّلَ " ، لا من المفعول الذي هو «من أزواج»؛ لتوغله في " إلا " التنكير. { إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } يعني: فإنهن غير محصورات بعدد. أو يكون المعنى: إلا ما ملكت يمينك من الكتابيات. ويجيء على قول أبي هريرة وابن زيد: أن يكون إلا ما ملكت يمينك فلك الاستبدال بها. فصل اختلف العلماء في قوله تعالى: { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } هل نسخ أم لا؟ فروي عن علي وابن عباس وعائشة وأم سلمة أنه نسخ بقوله تعالى:{ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ } [الأحزاب: 50]. قالت عائشة: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء. قال أبو سليمان الدمشقي: يعني: نساء جميع القبائل من المهاجرات وغير المهاجرات. وقال جماعة، منهم الحسن وابن سيرين: أنها محكمة ما نسخت. قال الزهري: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نعلمه تزوج النساء بعد. وفي قوله: { وكان الله على كل شيء رقيباً } تحذير من مجاوزة حدود الله عز وجل.