الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً }

قوله تعالى: { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } قرأ أبو عمرو: " لا تَحِلُّ " بالتاء، لتأنيث الجمع، والباقون بالياء؛ لأن تأنيث الجمع غير حقيقي، وإذا جاز بغير فصل كقوله تعالى:وَقَالَ نِسْوَةٌ } [يوسف: 30] كان مع الفصل أجوز من بعد، أي: من بعد التسع.

قال الشعبي: لما خيرهن النبي صلى الله عليه وسلم فاخترن الله ورسوله شكر الله لهن ذلك فقصره عليهن، وأنزل هذه الآية. وهذا قول ابن عباس وقتادة والحسن.

وقال أبي بن كعب: المعنى: لا تحل لك من بعد المذكورات في قوله:إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ... } [الأحزاب: 50] الآية. وهو قول الضحاك أيضاً.

وقال مجاهد: المعنى: لا تحل لك نساء اليهوديات والنصرانيات من بعد المسلمات.

{ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } ينبني على الأقوال المذكورة، فعلى الأول يكون المعنى: ولا يحل لك أن تستبدل بزوجاتك سواهن.

وعلى قول مجاهد يكون المعنى: ولا أن تبدل الكتابيات بالمسلمات، يقول: لا تكون أم المؤمنين يهودية ولا نصرانية.

وقال أبو هريرة وابن زيد: كانت عادة الجاهلية التبادل بالأزواج، فيعطي أحدهم زوجته لرجل ويعطي الآخر زوجته بدلاً منها، فنهوا عن ذلك.

قوله تعالى: { وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } في محل الحال من الفاعل المضمر في " تَبَدَّلَ " ، لا من المفعول الذي هو «من أزواج»؛ لتوغله في " إلا " التنكير.

{ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } يعني: فإنهن غير محصورات بعدد. أو يكون المعنى: إلا ما ملكت يمينك من الكتابيات.

ويجيء على قول أبي هريرة وابن زيد: أن يكون إلا ما ملكت يمينك فلك الاستبدال بها.

فصل

اختلف العلماء في قوله تعالى: { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } هل نسخ أم لا؟ فروي عن علي وابن عباس وعائشة وأم سلمة أنه نسخ بقوله تعالى:إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ } [الأحزاب: 50].

قالت عائشة: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء.

قال أبو سليمان الدمشقي: يعني: نساء جميع القبائل من المهاجرات وغير المهاجرات.

وقال جماعة، منهم الحسن وابن سيرين: أنها محكمة ما نسخت.

قال الزهري: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نعلمه تزوج النساء بعد.

وفي قوله: { وكان الله على كل شيء رقيباً } تحذير من مجاوزة حدود الله عز وجل.