الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً }

قوله تعالى: { تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ } نزلت مبيحة للنبي صلى الله عليه وسلم مصاحبة نسائه ومعاشرتهن كيف شاء من غير حرج عليه؛ تخصيصاً له وتفضيلاً.

قوله تعالى: { تُرْجِي } أي: تؤخر. ومن القُرّاء السبعة من يهمزه، ومنهم من لا يهمزه. وقد سبق ذكره.

والمعنى: تؤخر من تشاء بالطلاق. قاله ابن عباس.

وقال مجاهد: تؤخر من تشاء فتعزلها عن أزواجك فلا تأتيها.

قال المفسرون: كان القسم والتسوية بينهن واجباً عليه، فلما نزلت هذه الآية سقط عنه وصار الاختيار إليه فيهن.

قال أبو رزين: كان ممن آوى: عائشة وأم سلمة وزينب وحفصة، وكان ممن أرجأ: سودة وجويرية وصفية وأم حبيبة وميمونة، وكان يقسم لهن ما شاء، وكان أراد أن يفارقهن فقلن: اقسم لنا ما شئت من نفسك ودعنا نكون على حالنا.

أخبرنا أبو القاسم السلمي وأبو الحسن البغداديان، أخبرنا أبو الوقت، أخبرنا الداودي، أخبرنا السرخسي، أخبرنا الفربري، حدثنا البخاري، حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا أبو أسامة، حدثنا هشام عن أبيه، عن عائشة قالت: " كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأقول: تهب المرأة نفسها، فلما أنزل الله عز وجل: { تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ... } الآية قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك ".

وأخرجه مسلم عن أبي كريب عن أبي أسامة.

قوله تعالى: { وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ } أي: ومن طلبت ممن عزلتهن من نسائك عن القسم [وأردت] ضَمَّها وإيوائها إليك فلا إثم عليك، ولا حرج عليك في ذلك ولا عتب، { ذَلِكَ } التخيير الذي خيرناك والتفويض إلى مشيئتك { أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ } أقرت قرة أعينهن ورضاهن جميعاً لكونه منزلاً من عند الله.

قال قتادة: إذا علمن أن هذا جاء من الله تعالى كان أطيب لأنفسهن وأقلّ لحزنهن.

قرأ الأكثرون: " كُلُّهن " برفع اللام، أي: يرضين كلهن. وقرئ شاذاً: " كُلَّهن " بالنصب، تأكيداً لـ " هُنَّ " في " آتيتهن " ، والمعنى واحد.