الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِيۤ أَزْوَاجِهِـمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ... } الآية قال المفسرون: ذكر الله تعالى أنواع الأنكحة التي أحلها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فقال: { أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } أي: مهورهن، وسُمِّي المهر أجراً؛ لوقوعه في مقابلة البضع. والمعنى: اللاتي تزوجهن بصداق.

{ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } بالسبي { مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ } أي: رده عليك من الكفار؛ كصفية وجويرية، فإنه أعتقهما وتزوجهما.

{ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ } يريد: نساء قريش، { وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ } يريد: نساء بني زهرة، { ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } إلى المدينة.

قال القاضي أبو يعلى: ظاهر هذا يدل على أن من لم تهاجر معه من النساء لا يحل له نكاحها.

وقالت أم هانئ: خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إليه بعذر، ثم أنزل الله هذه الآية، فلم أحل له لأني كنت من الطلقاء. وهذا قول جماعة من المفسرين.

وقيل: نسخ شرط الهجرة في التحليل ولم يذكر ناسخه.

وقيل: شرط الهجرة في التحليل له كان مختصاً ببنات عمه وببنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته.

وقال صاحب الكشاف: إن قلت: لم قال: { ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } ، و { مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ } ، و { ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ } وما فائدة هذه التخصيصات؟

قلت: قد اختار الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم الأفضل الأولى، واستخصه بالأطيب الأزكى، كما اختصه بغيرها من الخصائص، وآثره بما سواها من الأثر، وذلك أن تسمية المهر في العقد أولى وأفضل من ترك التسمية، وإن وقع العقد جائزاً، وله أن يماسّها وعليه مهر المثل إن دخل بها، والمتعة إن لم يدخل بها، وسوق المهر إليها عاجلاً أفضل من أن يسميه ويؤجله، وكان التعجيل [ديدن] السلف وسنتهم، وكذلك [الجارية] إذا كانت سبية مالكها، وخطبة سيفه ورمحه، ومما اغتنمه الله تعالى من دار الحرب أحل وأطيب مما يشتري من شق الجلب، وكذلك اللاتي هاجرن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرابته غير المحارم أفضل من غير المهاجرات معه، و«أحللنا لك» من وقع لها أن تهب لك نفسها ولا تطلب مهراً من النساء المؤمنات إن اتفق ذلك، ولذلك نكرها. واختلف [في] اتفاق ذلك، فعن ابن عباس: لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد منهن بالهبة.

وقيل: الموهوبات أربع: ميمونة، وزينب بنت خزيمة أم المساكين الأنصارية، وأم شريك بنت جابر، وخولة بنت حكيم.

وقرأ أبي بن كعب والحسن: " أَن وهبت " بفتح الهمزة، أي: لأن وهبت.

وقرأ ابن مسعود: " وامرأة مؤمنة وهبت " ، بغير " إن ".

وقوله تعالى: { إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا } أي: إن آثر ذلك، أي: أحللناها لك إن وهبت نفسها وأردت نكاحها.

السابقالتالي
2