الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً } * { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

ثم أثنى على الرسل الماضين فقال تعالى: { ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ... } الآية، وهو في موضع جر، على الوصف للأنبياء الذين خَلَوا من قبل، أو في موضع نصب أو رفع على المدح، أو على معنى: أعني.

قال المفسرون: لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب قال المشركون واليهود: تزوج محمد امرأة ابنه، فأنزل الله تعالى: { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } يريد: لم يكن أبا رجل منكم على الحقيقة حتى يثبت بينه وبينه تحريم المصاهرة.

{ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ } أي: ولكن كان رسول الله { وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ }.

قال المفسرون: يعني: أنه لو كان له ولد بالغ مبلغ الرجال لكان [نبياً] ولم يكن خاتم الأنبياء.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: أما كان أبا الطاهر والطيب والقاسم وإبراهيم؟

قلت: قد أخرجوا من حكم النفي بقوله تعالى: { مِّن رِّجَالِكُمْ } من وجهين:

أحدهما: أن هؤلاء لم يبلغوا مبلغ الرجال.

الثاني: أنه قد أضاف الرجال إليهم، وهؤلاء رجاله لا رجالهم.

فإن قلت: أما كان أباً للحسن والحسين؟

قلت: [بلى]، ولكنهما لم يكونا رجلين حينئذ، وهما أيضاً من رجاله، وشيء آخر: وهو أنه إنما قصد ولده خاصة، لا ولد ولده؛ لقوله تعالى: { وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ } ، ألا ترى أن الحسن والحسين قد عاشا إلى أن نيف أحدهما على الأربعين والآخر على الخمسين.

قرأتُ على شيخنا أبي البقاء لأبي عمرو من رواية القزاز [والحلبي] عن عبدالوارث عن أبي عمرو: " ولكنّ " بالتشديد، وقرأتُ للباقين " ولكنْ " بالتخفيف. وقرأ " رسولُ اللهِ " بالرفع.

قال الزجاج: من نصب فعلى معنى: ولكن كان رسولَ الله وكان خاتمَ النبيين. ومن رفع فالمعنى: ولكن هو رسولُ الله.

قال الزمخشري: ومن شدّد فعلى حذف الخبر، تقديره: ولكن رسولَ اللهِ من عرفتموه.

قال ابن جني: وعليه قول الفرزدق:
وَلَوْ كُنْتَ ضَبِّيّاً عَرَفْتَ قَرَابَتِي    وَلَكِن زَنْجِيّاً غَلِيظَ المَشَافِرِ
أي: ولكن زنجياً غليظ المشافر لا يعرف قرابتي، كذلك هاهنا الخبر محذوف، تقديره: ولكن رسولَ الله محمد.

وقرأ الأكثرون: " وخاتِم النبيين " بكسر التاء، على أنه اسم الفاعل، من ختمهم فهو خاتمهم، كما تقول: ضربهم فهو ضاربهم، فتحها عاصم، وهي قراءة الحسن، على معنى: أنه آخر النبيين كالطابع عليهم.

ويروى أن الحسن قال: هم الخاتم الذي ختم به.

قرأتُ على أبي المجد القزويني، أخبركم أبو منصور الطوسي فأقرّ به قال: حدثنا أبو محمد البغوي، أخبرنا علي بن يوسف الجويني، أخبرنا محمد بن علي الخذاشاهي، أخبرنا عبدالله بن محمد الحوريذي، حدثنا يونس بن عبدالأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

السابقالتالي
2