الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً }

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بيت زيد بن حارثة فأبصر زينب قائمة، فوقعت في قلبه فقال: سبحان الله مقلب القلوب، وذلك أن نفسه قبل ذلك كانت تجفو عنها، فسمعت زينب تسبيحه فذكرته لزيد، ففطن، وألقى الله تعالى في نفسه كراهة صحبتها والرغبة عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني أريد أن أفارق صاحبتي، فقال: أرابك منها شيء؟ فقال: لا والله ما رأيت منها إلا خيراً، ولكنها تتعظم عليّ لشرفها وتؤذيني، فقال له: أمسك عليك زوجك واتق الله، ثم طلقها بعد، فلما اعتدّت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أجد أحداً أوثق في نفسي منك، اخطب عليَّ زينب.

قال زيد: فانطلقتُ وإذا هي تخمر عجينها، فلما رأيتها عظمت في صدري، حتى ما أستطيع أن أنظر إليها، حين علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها، فوليتها ظهري، وقلت: يا زينب أبشري، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبك، ففرحت وقالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أوامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن.

وفي الصحيح من حديث أنس: " أن زينب كانت تفتخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات " ، وفيها نزلت آية الحجاب.

وفي صحيح البخاري من حديث أنس أيضاً: " لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً لكتم هذه الآية ".

وفي الترمذي من حديث عائشة: " لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية: { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } " ، يعني: زيد بن حارثة أنعم الله عليه بالهدى والاختصاص بك حتى تبنيته وأحببته واصطفيته { وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } بالعتق، { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ } أي: اتق الله في أمرها فلا تطلقها.

وقيل: اتق الله فلا تذمها بنسبتها إلى الكبر وأذى الزوج.

وفي قوله تعالى: { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ } أربعة أقوال:

أحدها: تعلق قلبه الكريم بها ومحبته إياها. قاله ابن عباس.

الثاني: إيثاره طلاقها. قاله قتادة وابن جريج ومقاتل.

الثالث: إضماره في نفسه إن طلقها زيد تزوجتها. قاله [ابن] زيد.

الرابع: أن الله تعالى كان أعلمه أنها تكون زوجته، وأن زيداً سيطلِّقها، فلما قال له: { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ } عاتبه الله تعالى على ذلك. قاله علي بن الحسين.

{ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ } أي: وتخشى قائلتهم ولائمتهم.

قال الحسن: ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية أشد عليه منها.

السابقالتالي
2