الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } * { وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }

قوله تعالى: { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } وقرأ عاصم: " أُسْوَةٌ " بضم الهمزة، وكذلك اختلافهم في التي في الممتحنة.

قال الفراء وأبو علي: هما لغتان بمعنى واحد.

قال المفسرون: المعنى: لقد كان لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم قُدوة صالحة لو اقتديتم به في صبره على قتال الكفار كما فعل يوم أحد.

وقال الزمخشري: إن قلت: ما حقيقة قوله: { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }؟

قلت: فيه وجهان، أحدهما: أنه في نفسه أسوة، أي: قدوة، كما تقول: في البيضة عشرون منا حديد، أي: هي في نفسها هذا المبلغ من الحديد.

الثاني: أن فيه خصلة من حقها أن يؤتسى بها وتتبع، وهي المواساة بنفسه.

{ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } من قولك: رجوت زيداً وفضله، أي: رجوت فضل زيد.

وقيل: لمن كان يخاف الله واليوم الآخر.

{ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } أي: استكثر من ذِكْره والعمل بطاعته رجاء ثوابه وخوف عقابه.

قوله تعالى: { وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ } أي: شاهدوا تلك الشدائد والأهوال أيام الخندق، { قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } في قوله:أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم... } [البقرة: 214] الآية، { وَمَا زَادَهُمْ } ما رأوه { إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }.

وقيل: المعنى: وما زادهم ما شاهدوه من تلك الأهوال إلا إيماناً وتسليماً، تصديقاً بما وعدهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحفر الخندق أن أمته ظاهرة على مدائن كسرى والحيرة، وتسليماً لأمر الله تعالى.