وما بعده مفسر إلى قوله تعالى: { وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ } سبب نزولها: ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن أحبار اليهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت قول الله تعالى:{ وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإسراء: 85] إيانا يريد أم قومك؟ فقال: كلا، فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء؟ فقال: إنها في علم الله تعالى قليل، فنزلت هذه الآية. والمعنى: ولو أن أشجار الأرض أقلام والبحر ممدود بسبعة أبحر، وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المِدَاد كلمات الله، لما نفدت كلماته. قال ابن قتيبة: " يَمُدُّ " من المِدَاد لا من الإمْدَاد. يقال: مَددتُ دَوَاتي بالمِدَاد، وأمددتُه بالمال والرجال. واختلف القراء في " البحر ": فرفعه الأكثرون، ونصبه أبو عمرو. قال الزجاج: النصب عطفٌ على " ما " ، والرفع حسن على وجهين: أحدهما: والبحر هذه حاله. ويجوز أن يكون معطوفاً على موضع " أن " مع ما بعدها. وقال غيره: يجوز أن يكون النصب من باب قوله:{ وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ } [يس: 39]،{ وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا } [الرحمن: 7]، فيكون منصوباً بمضمر، تقديره: يمدُّه من بعده. وقال أبو علي والزمخشري: الرفع على الابتداء، والواو للحال، على معنى: ولو أن الأشجار أقلام في حال كون البحر ممدوداً. وهو الوجه الأول الذي ذكره الزجاج. قال الزمخشري: فإن قلت: الكلمات جمع قلّة، والموضع موضع التكثير، فهلاّ قيل: كلم الله؟ قلتُ: معناه: أن كلماته لا تفي [بكتبتها] البحار، فكيف بكلمه؟ وقرأ ابن مسعود: " وبحر يمدُّه " على التكثير. وقرئ: " تَمُدُّه " و " يَمُدُّه " بالتاء والياء، ونعتها يشير إلى استواء القليل والكثير في قدرته. قوله تعالى: { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } معناه: إلا كحق نفس واحدة.