قوله تعالى: { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } وقرأ يحيى بن عمارة: " وأصْبَغَ " بالصاد. قال أبو الفتح: أصله السين إلا أنها أبدلت للغين بعدها صاداً، وذلك أن حروف الاستعلاء تجتذب السين عن سفالها إلى تعاليهن، والصاد مستطيلة، وهي أخت السين في المخرج وأحدي حروف الاستعلاء، ونحوه: قولهم في سطر: صطر. وقال الزمخشري: هكذا كل سين اجتمع معه الغين والخاء والقاف، تقول في سلخ: صلخ، وفي سقر: صقر، وفي سالغ: صالغ. واختلف القراء في " نِعَمَهُ "؛ فقرأ الأكثرون: " نِعْمَةً " على التوحيد. وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص وأبو جعفر: " نِعَمَهُ " على الجمع. قال أبو علي: من قرأ " نِعَمَهُ " على الجمع؛ فلأنّ نِعَم الله تعالى كثيرة. ومن قرأ «نِعْمَةً» على الإفراد؛ فلأن المفرد أيضاً يدل على الكثرة، قال:{ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } [إبراهيم: 34]. وروى جويبر عن الضحاك قال: سألت ابن عباس عن قول الله تعالى: { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } فقال: هذا من مخزوني الذي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، فقلت: يا رسول الله! ما هذه النعمة الظاهرة والباطنة؟ قال: أما الظاهرة: الإسلام وما حسن من خلقك، وما أفضل عليك من الرزق، وأما الباطنة: فما ستر عليك من سوء عملك يا ابن عباس. وقال الحارث المحاسبي: الظاهرة: نعيم الدنيا، [والباطنة]: نعيم العقبى. وقيل: الظاهرة: الرزق المكتسب، والباطنة: الرزق من حيث لا يحتسب. وقيل: الظاهرة: ألوان العطايا، والباطنة: غفران الخطايا. ويروى: أن موسى عليه السلام قال: إلهي دلني على أخفى نعمتك على عبادك؟ فقال: أخفى نعمتي عليهم: النَّفَس. ويروى: أن أيسر ما يعذب به أهل النار: الأخذ بالأنفاس. قوله تعالى: { أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } أي: إلى موجباته وأسبابه. قال أبو عبيدة: جوابه محذوف، تقديره: أتتبعونه. وقال صاحب الكشاف: معناه: ولو كان الشيطان يدعوهم، أي: في حال دعاء الشيطان إياهم إلى العذاب. وقال الأخفش: لفظه لفظ استفهام، ومعناه التقرير.