قوله تعالى: { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ } واسمه: أنعم. وقال ابن السائب: اسمه أشكم. { وَهُوَ يَعِظُهُ } رُوي: أن ابنه وامرأته كانا كافرين، فما زال يعظهما حتى أسلما. { يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ } وقرأتُ لابن كثير إلا من طريق ابن فليح: " يا بُنَيْ " بسكون الياء وتخفيفها أيضاً، كما خفَّفَ الشاعر:
قد كنتُ جَارَكَ حَوْلاً ما تُروِّعُنِي
فيه روائعُ من إنسٍ ولا جان
فخفَّفَ النون. قال أبو علي: خَفَّفَ ياء الإضافة، ثم خَفَّفَ فحذف الياء التي هي لام الفعل، وبقيت الياء التي هي ياء التصغير، فالياء الموقوف عليها في " بُنَيَّ " هي ياء التصغير. { إِنَّ ٱلشِّرْكَ } وجعل من لا نعمة له كمن لا نعمة إلا منه، { لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }. وقد ذكرنا سبب نزوله. قوله تعالى: { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ } أي: تَهِنُ وَهْناً على وَهْن، أي: تَضْعُف ضَعْفاً على ضَعْف، كلما ازداد حملها زاد ضَعْفُها. { وَفِصَالُهُ } أي: فِطَامُه. وهو مبتدأ، خبره في الظرف على تقدير: يقعُ أو يحدث، { فِي عَامَيْنِ } أي: في انقضاء عامين. والمقصود من ذلك: تهييج الإنسان على بِرِّ والديه بتذكيره ما عانت من الوهن زمن الحمْل، والمشقة مدة الرضاع. أخرج الإمام أحمد رضي الله عنه في كتاب الزهد له بإسناده عن كعب بن علقمة: أن موسى عليه الصلاة والسلام لما خرج هارباً من فرعون قال: رب أوصني، قال: [أوصيك] أن لا تعدل بي شيئاً أبداً إلا اخترتني عليه، فإني لا أرحم ولا أزكي من لم يكن كذلك، قال: وبماذا يا رب؟ قال: بأمك، فإنها حملتك وَهْناً على وَهْن، ثم قال: ثم ماذا يا رب؟ قال: بأبيك، قال: ثم ماذا يا رب؟ قال: أن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكرهُ لهم ما تكره لها، قال: ثم بماذا يا رب؟ قال: ثم إن وليتك شيئاً من أمر عبادي فلا تُعَنِّهِم إليك في حوائجهم [فإنك إنما تُعَنِّي روحي، فإني مبصر ومستمع ومشهد ومستشهد]. { أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } قال ابن عباس: المعنى: أطعني وأطع والديك. قال سفيان بن عيينة: من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما. وفي قوله: { إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } ترغيب في الطاعة طلباً للمثوبة، وترهيب من الإضاعة هرباً من العقوبة. قوله تعالى: { وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً } قال الزجاج: أي مُصَاحَباً معروفاً، تقول: صَاحَبَه مُصَاحَباً ومُصَاحَبَةً. ومعنى المعروف: ما يُستحسن من الأفعال. قوله تعالى: { وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } أي: اسلك طريق من رجع إليّ، وهو طريق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وروى عطاء عن ابن عباس قال: يريد: واتبع سبيل أبي بكر الصديق، وذلك أنه حين أسلم أتاه عبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وعثمان وطلحة والزبير فقالوا له: آمنت وصدقت محمداً؟ [قال]: نعم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمنوا وصدقوا، فأنزل الله تعالى يقول لسعد: { وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } يعني: أبا بكر رضي الله عنه.