الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ } * { خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } * { هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ ٱلظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }

وما بعده مفسّر إلى قوله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ }.

اعلم أن مقصود الكلام في لقمان يحصره فصول أربعة:

الفصل الأول:

اختلفوا هل كان حراً أو عبداً؟ فقال محمد بن إسحاق: هو لقمان بن باعوراء بن ناحور بن تارح - وهو آزر -، وعاش ألف سنة، وأدرك زمان داود.

وقيل: كان ابن أخت أيوب. وقيل: ابن خالته.

وقال مجاهد: كان عبداً أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين.

وقال سعيد بن المسيب: كان أسود نوبياً من سودان مصر، ذا مشافر.

وقال ابن عباس: كان عبداً حبشياً.

الفصل الثاني:

اختلفوا في صناعته؛ فروى الإمام أحمد بإسناده عن سعيد بن المسيب: أن لقمان كان خياطاً.

وقال خالد [الربعي]: كان عبداً حبشياً نجاراً.

الفصل الثالث:

اختلفوا هل كان نبياً أم لا؟

فذهب الأكثرون، منهم ابن عباس: إلى أنه كان حكيماً ولم يكن نبياً.

وقال عكرمة: كان نبياً.

والأول أكثر وأصح.

ويروى: أن لقمان عليه السلام خيّر بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة.

الفصل الرابع: في الإشارة إلى نبذة يسيرة من حكمته:

روي: أن رجلاً وقف عليه فقال: ألست الذي كنت ترعى معي؟ فقال: بلى، فقال: ما بلغ بك ما أرى؟ قال: صِدْق الحديث، والصمت عما لا يعنيني.

ويروى: أنه دخل على داود عليه السلام وهو يسرد الدروع وقد لَيَّنَ الله تعالى له الحديد كالطين، فأراد أن يسأله فأدركته الحكمة، فلما انتهت لبسها، وقال: نعم لبوس الحربِ أنتِ، فقال لقمان: الصمت حِكَم وقليلٌ فاعله، فقال له داود: بحقٍّ ما سميت حكيماً.

وأخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد له بإسناده عن مالك بن دينار قال: قال لقمان لابنه: يا بني! اتخذ طاعة الله تعالى تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة.

وبإسناده عن أبي عثمان -رجل من أهل البصرة يقال له: الجعد - قال: قال لقمان لابنه: لا ترغب في ود الجاهل فيرى أنك ترضى عمله، ولا تهاون بمقت الحكيم فيزهد فيك.

وبإسناده عن عبيد بن عمير قال: قال لقمان لابنه وهو يعظه: يا بني! اختر المجالس على عينك، فإذا رأيت المجلس يذكر فيه الله عز وجل فاجلس معهم، فإن تك عالماً ينفعك علمك، وإن تك عَيِياً يعلموك، وإن يطلع الله تعالى إليهم برحمة تصيبك معهم.

يا بني! لا تجلس في المجلس الذي لا يذكر فيه الله عز وجل، فإنك إن تكن عالماً لا ينفعك علمك، وإن تك عيّاً يزيدوك عياً، وإن يطلع الله عز وجل بعد ذلك بسخط يصيبك معهم.

يا بني! لا تغبطن امرءاً رحب الذراعين يسفك دماء المؤمنين، فإن له عند الله قاتلاً لا يموت.

وبإسناده عن أبي سعيد قال: قال لقمان لابنه: يا بني! لا يأكل طعامك إلا الأتقياء، وشاور في أمرك العلماء.

السابقالتالي
2